موضوع: المعلومات الكاملة عن الانتفاضة الفلسطينية السبت 26 يونيو 2010 - 1:29
المعلومات الكاملة عن الانتفاضة الفلسطينية
بسم الله والله اكبر
تاريخ الانتفاضة
الانتفاضة الفلسطينية الأولى أو انتفاضة الحجارة، سمّيت بهذا الإسم لأن الحجارة كانت الأداة الرئيسية فيها، كما عرف الصغار من رماة الحجارة بأطفال الحجارة، والانتفاضة شكل من أشكال الاحتجاج العفوي الشعبي الفلسطيني على الوضع العام المزري بالمخيمات وعلى انتشار البطالة وإهانة الشعور القومي والقمع اليومي الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين، واستمر تنظيمها من قبل القيادة الوطنية الموحدة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية فيما بعد. بدأت الانتفاضة يوم 9 ديسمبر/كانون الأول 1987 و هدأت في العام 1991، وتوقفت نهائيا مع توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993
مصطلح انتفاضة تعني الانتفاضة لغة في معجم لسان العرب لابن منظور: نفضت الثوب والشجر إذا حركته لينتفض. وكذلك جاء في المعجم الوسيط: انتفض الشيء: تحرك واضطرب، وفلان ينتفض من الرعدة. وقديماً وصف أحد الشعراء رعدته عندما يذكر حبيبته، فقال:
وإني لتعروني لذكراك هزّة كما انتفض العصفور بلّله القطر
استُعمل هذا المصطلح لأوّل مرّة لوصف الثورة الشعبية الفلسطينية في أول بيان صدر عن حماس الذي تم توزيعه لأول مرة في غزة يوم 11 ديسمبر 1987 وأطلق البيان لفظ "الانتفاضة" على التظاهرات العارمة التي انطلقت. قال البيان: "جاءت انتفاضة شعبنا المرابط في الأرض المحتلة، رفضاً لكل الاحتلال وضغوطاته، ولتوقظ ضمائر اللاهثين وراء السّلام الهزيل، وراء المؤتمرات الدولية الفارغة"
دخل المصطلح ميدان الصحافة العربية والأجنبية التي تناقلته بلفظه العربي كما تواردته ألسنة المحللين والمؤلفين حتى في داخل الوسط الإسرائيلي حيث ألف الصحفيان زئيف شيف و إيهود ياري كتاب عن هذه الفترة التاريخية و أسمياه "انتفاضة".
أسبابها
في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 1987 دهست شاحنة إسرائيلية يقودها إسرائيلي من أشدود سيارة يركبها عمال فلسطينيون من جباليا-البلد متوقفة في محطة وقود مما أودى بحياة أربعة أشخاص و جرح آخرين وقد اكتفت الإذاعة بإعلان الخبر دون أن تركز عليه لأنه كان عبارة عن حادث يشبه العديد من الحوادث المماثلة وقد أُشيع آنذاك أن هذا الحادث كان عملية انتقام من قبل والد أحد الإسرائيليين تم طعنه قبل يومين حتى الموت بينما كان يتسوق في غزة فاعتبر الفلسطينيون أن الحادث هو عملية قتل متعمد في اليوم التالي و خلال جنازة الضحايا اندلع احتجاج عفوي قامت الحشود خلاله بإلقاء الحجارة على موقع للجيش الإسرائيلي بجباليا-البلد فقام الجنود بإطلاق النار دون أن يؤثر ذلك على الحشود. وأمام و ما تعرض له من وابل الحجارة و كوكتيل المولوتوف طلب الجيش الإسرائيلي الدعم. وهو ما شكل أول شرارة للانتفاضة. و لكن هذه الحادثة كانت مجرد القشة التي قصمت ظهر البعير لأن الانتفاضة اندلعت بعد ذلك بسبب تضافر عدة أسباب.
الأسباب البعيدة للانتفاضة
إذا كانت الانتفاضة قد اندلعت بسبب قتل أربعة فلسطينيين، فإن هناك أسبابا عميقة لها تتمثل فيما يلي:
عدم تقبل الاحتلال الإسرائيلي: حيث أن الشعب الفلسطيني لم يتقبل ما حدث له بعد حرب 1948 وبالذات التشريد والتهجير القسري وكونه يتعرّض لممارسات العنف المستمرّة والإهانات والأوضاع الغير مستقرّة في المنطقة علاوة على الجوّ العامّ المشحون والرغبة في عودة الأمور إلى نصابها قبل الاحتلال كما أن معظم شعوب العالم لم ترضى باحتلال قوّة أجنبيّة للأرض التي كانوا يعيشون عليها منذ آلاف السنين. تردّي الأوضاع الاقتصادية: بعد حرب الأيام الستة فُتح للفلسطينيين باب العمل في إسرائيل مما سمح للاقتصاد المحلي بأن يتطور و لكن سرعان ما تدهورت الأوضاع إذ بدأ الفلسطينيون يتجرعون إذلالات يومية و بدأت ظروف العمل تتدهور. أضف إلى ذلك الميز بخصوص الأجور إذ بالنسبة لنفس العمل يتقاضى الفلسطيني أجرا يقل مرتين عن نظيره الإسرائيلي كما كان يمكن طرد العامل الفلسطيني دون دفع أجره كما كان الفلسطيني مطالبا بتصاريح للتنقل من الصعب الحصول عليها، باالاضافة إلى عمليات التفتيش اليومية التي يتعرضون لها في بيوتهم كان يتم كذلك خصم 20% من المرتبات على أساس أنها ستصرف على الضفة والقطاع و لكن بدل ذلك كانت تمول المصاريف العامة الاسرائيلية على الصعيد القيادي، لم تكن القيادة الفلسطينية في المنفى على علم كامل بأوضاع الفلسطينيين في الداخل و لا بمعاناتهم ولم تكن تطرح الحلول لمساعدتهم. وكانت منظمة التحرير في تونس تعمل على إنشاء محور عمان-القاهرة لحماية ياسر عرفات عوض العمل على إيجاد حل لقضية اللاجئين أو الفلسطينيين إلحاق القدس: احتلت إسرائيل القدس سنة 1967 ثم أعلنتها عاصمة أبدية لها، مع ما صحب ذلك من إجراءات من بينها تقنين الدخول إلى الحرم الشريف و أماكن العبادة الإسلامية . كما تم الاستيلاء على عدد من الأراضي لترسيخ فكرة القدس كعاصمة غير قابلة للتقسيم من خلال بناء المستوطنات بها. كان الجنرال موشيه دايان يهدف كذلك من خلال بناء المستوطنات إلى الاستيلاء على الأراضي فلسطينية بطريقة متخفية و دعمه الليكود و حزب العمال الإسرائيلي في ذلك لأنه سيؤدي إلى قيام دولة إسرائيل الكبرى . بالإضافة إلى استعمال مصادر المياه الموجودة داخل الأراضي المحتلة لفائدة المستوطنين على الصعيد العربي، لم يكن القادة العرب يأبهون بما كان يحدث للفلسطينيين. وهو ما كان وراء خيبة هؤلاء من القمم العربية التي كان تضع القضية الفلسطينية في آخر اعتباراتها، وحتى عندما تناقشها فلم تكن تقدم لها أية حلول تمثل الانتفاضة فشلا للجهاز القيادي الإسرائيلي الذي لم يكن منتبها إلى الغليان الفلسطيني بالرغم من التحذيرات التي أبداها عدد من السياسيين كوزير الخارجية السابق أبا ايبان الذي كتب في نوفمبر 1986, أي سنة قبل الانتفاضة, أن الفلسطينيون يعيشون محرومين من حق التصويت أو من حق اختيار من يمثلهم. ليس لديهم أي سلطة على الحكومة التي تتحكم في أوضاعهم المعيشية. إنهم يتعرضون لضغوط و عقوبات ماكان لهم أن يتعرضوا لها لو كانوا يهودا ..؟!إن هذه الحالة لن تستمر دون أن يؤدي ذلك إلى انفجار
الإنقاص من أهميتها
اجتمع عدد من العسكريين في موقع جباليا الذي هاجمته الحشود الفلسطينية خلال الجنازة. وأمام حجم حركة الاحتجاج طلب الإحتياطيون الدعم، لكن المشرف على الإقليم رد بأنه لن يحصل أي شيء، و أضاف بأن الحياة ستعود إلى طبيعتها في الغد و لم يتم القيام بطلب أي دعم أو إعلان حظر تجول
لكن الاضطرابات لم تهدأ في اليوم الموالي، ورفض أغلب السكان التوجه إلى أماكن عملهم كما قام طلبة الجامعة الإسلامية في غزة بالتجول في الشوارع داعين الناس إلى الثورة. في حين أراد أفراد الجيش استعمال القوة لتفريق الحشود و لكنهم وجدوا أنفسهم تحت وابل من الحجارة. وقد تمكن بعض الشبان الفلسطينيين من الصعود على السيارات العسكرية وهو ما كان يرعب سائقيها فيزيدون في السرعة وقد تم رمي ثلاثة زجاجات حارقة أصابت اثنتان منها الهدف و اشتعلت النار في إحدى السيارات العسكرية. وبعدما تبين أن إطلاق النار في الهواء لا يؤثر على الحشود الهائجة، أمر الملازم عوفر بإطلاق النار على أرجل كل من يقترب وعندما وصل إسحاق موردخاي المسؤول عن منطقة الجنوب إلى موقع الجيش قام بعزل عوفر من مهامه بسبب قناعته أن المواجهة بين الجيش الإسرائيلي من جهة و الحشود الفلسطينية من جهة أخرى هي سبب الاضطرابات في قطاع غزة
الرد السياسي الإسرائيلي
في اليوم الثالث للانتفاضة، توجه إسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى نيويورك دون أن يأخذ أي إجراءات لمواجهة الانتفاضة. وفي غيابه قام إسحاق شامير بمهام وزير الدفاع رغم كونه لم يعمل في هذا المنصب من قبل كما أن رئيس الأركان في تلك الفترة كان حديث عهد بمنصبه ولم تكن له خبرة في مواجهة الثورات الفلسطينية. والحقيقة أن أي شخصية أمنية أو عسكرية إسرائيلية لم تكن تتوقع أن تقوم انتفاضة فلسطينية بتلك القوة. وقد سمحت هذه الظروف بانتقال الانتفاضة من قطاع غزة إلى الضفة الغربية.
عند وصول رابين إلى نيويررك تحدث وزير الدفاع الأمريكي عن الانتفاضة بإيجاز مما كان يدل على أن البعثة الإسرائيلية لم تكن تهتم بما كان يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة. يضاف إلى ذلك أن الفريق المكلف بنقل الأخبار إلى رابين كان قليل الخبرة فلم يكن رابين مهتما بما يجرى و كان شغله الشاغل أن يتم صفقة شراء أسلحة
وعند عودته، لم يكن رابين يعلم الكثير عما يحدث وقام بعقد ندوة صحفية في المطار أكد خلالها أن إيران و سوريا تقفان وراء اندلاع الانتفاضة. فارتكب بذلك خطأ شنيعا، حسب المراقبين، لأن تصريحه كان يتعارض مع تصريحات شامير الذي حمل منظمة التحرير مسؤولية ما يحدث، كما أن المراقبين أجمعوا بأن الانتفاضة كانت عفوية ولم يكن يقف وراءها أحد
الرد العسكري الإسرائيلي
أعلن إسحاق رابين خلال كلمة في الكنيست الإسرائيلي « سنفرض القانون و النظام في الأراضي المحتلة، حتى ولو كان يجب المعاناة لفعل ذلك». وأضاف قائلا « سنكسر أيديهم و أرجلهم لو يجب ذلك»
وصلت الانتفاضة إلى أعلى مستوى لها في شهر فيفري/شباط عندما نشر مصور إسرائيلي صور جنود يضربون فلسطينيين. ودارت تلك الصور حول العالم بما أثار مشاعر التعاطف مع الفلسطينيين. أما إسرائيل فقد قامت بسياسة لتهميش منظمة التحرير و الإيقاع بين حركة حماس و الفصائل الأخرى
عندما فشل الجيش النظامي في مواجهة الانتفاضة، استنجد بحرس الحدود من أجل إخماد الثورة الشعبية. ويعرف عن حرس الحدود كونهم قادرين على التحكم بالحشود الضخمة كما يعرفون بعنفهم ثم أن متوسط أعمارهم يترواح بين 35 و 40 سنة و لديهم بالتالي خبرة كبيرة. تم اللجوء أولا إلى اللواء رقم 20 و 21 اللذين قاما بمراقبة الحدود بين إسرائيل و لبنان خلال غزو لبنان 1982. و لكن تدخل حرس الحدود لم يغير شيئا على الواقع. ومما صعب مهمتها أنه لم يكن يسمح لهم بإطلاق النار إلا إذا هوجموا من قبل أشخاص تزيد أعمارهم عن 12 سنة. ثم أن الرصاص يطلق أولا على ارتفاع ستين درجة و في حالة الخطر يطلق على الأرجل. لم يكن يسمح بإطلاق النار إلى الصدر إلا في حالة الدفاع عن النفس و لكن هذه القواعد لم تحترم في أغلب الأحيان وفي أكتوبر 1988 أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن وجود وحدتين جديدتين في القطاع و الضفة الغربية متكونتين من أشخاص يتقنون العربية و متخفين في ملابس مدنية و تتلخص مهتهم في التغلغل داخل المقاومة الفلسطينية
تطور الانتفاضة
تميزت الانتفاضة بحركة عصيان وبمظاهرات ضد الاحتلال. امتدت بعد ذلك إلى كامل الأراضي المحتلة مع انخفاض لوتيرتها سنة 1991. فبعد جباليا البلد انتقلت إلى مخيم جباليا و من ثم ، انتقل لهيب الانتفاضة إلى خان يونس و البرج و النصيرات و من ثم غطى كل القطاع و انتقل بعد ذلك إلى الضفة. وقد تولى الانتفاضة عموما الأطفال و الشباب الذين كانوا يرشقون الجنود بالحجارة و يقيمون حواجز من عجلات مشتعلة. كما كانوا يجتمعون حول الجوامع و يتحدون الجيش بأن يقوم بتفريقهم. وقد استعملت مكبرات الصوت لدعوة السكان إلى التظاهر كما كانت توزع المناشير و يتم الكتابة على الجدران للانقلاب على الجيش
كانت المناشير توزع عند مداخل المساجد من قبل أطفال لم تكن أعمارهم تتجاوز السابعة. أو كان يتم إلقاؤها من نوافذ السيارات قبل طلوع الشمس و يتم تمريرها من تحت الأبواب. جاء توزيع المناشير كشكل من انواع الإعلام البديل بسبب تشديد دائرة الرقابة على الوسائل الإعلام التي لم تستطيع الوصول إلى الرأي العام الفلسطيني وأيضا مضايقات و اعتقال للصحفيين. قامت إسرائيل أولا باتباع سياسة تعسفية من خلال الضرب و الإيقاف من دون المحاكمة و التعذيب إلى جانب إغلاق الجامعات و العقوبات الاقتصادية و بناء المستوطنات وقد أدت صور الجيش الإسرائيلي و هو يعتدي على الفلسطينيين إلى تعاطف دولي مع قضيتهم و نجح ياسر عرفات في استغلال هذا الموقف من أجل التقدم بالقضية الفلسطينية.
نشأت لجان محلية داخل المخيمات عملت على تنظيم الغضب غير المسلح للشارع الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي المسلح و الشد من أزره و التقريب بين صفوفه و ذلك عن طريق توفير المؤونة والتعليم والأدوية وباقي الخدمات الضرورية للمخيمات و المناطق التي يطبق فيها حظر التجول
اشتغلت هذه اللجان في البداية بشكل مستقل ولكن سرعان ما توحدت في هيئة تضم فتح والجبهتين الشعبية و الديمقراطية والحزب الشيوعي و كانت لهذه الهيئة علاقات تنظيمية مع منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت حينئذ تتخذ من تونس مقرا رئيسيا لها.
طالبت هذه الفصائل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وبالانسحاب الإسرائيلي خارج حدود 1967. واستمرت الانتفاضة إلى غاية سنة 1993 تاريخ التوقيع على اتفاقية أوسلو. كما ساهمت هذه الانتفاضة في نشوء حركة حماس الداعم القوي لها التي أعلنت عن نفسها عام 1987.
مطالبها
سعى الفلسطينيون عبر الانتفاضة إلى إلى تحقيق عدة أهداف يمكن تقسيمها إلى ثوابت فلسطينية و مطالب وطنية
ثوابت فلسطينية
إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس وتمكين الفلسطينيين من تقرير مصيره تفكيك المستوطنات عودة اللاجئين دون قيد أو شرط . تقوية الاقتصاد الفلسطيني : تمهيدا للانفصال عن الاقتصاد الإسرائيلي
المطالب الوطنية
إخلاء سبيل الأسرى الفلسطينيين والعرب من السجون الإسرائيلية . وقف المحاكمات العسكرية الصورية والاعتقالات الإدارية السياسية والإبعاد والترحيل الفردي والجماعي للمواطنين والنشطاء الفلسطينيين . لم شمل العائلات الفلسطينية من الداخل والخارج . وقف فرض الضرائب الباهظة على المواطنين والتجار الفلسطينيين . وقف حل هيئات الحكم المحلي المنتخبة من مجالس بلدية وقروية ولجان مخيمات . إتاحة المجال أمام تنظيم انتخابات محلية ديموقراطية للمؤسسات في البلاد . وقف ارتكاب ما يتعارض مع العادات الفلسطينية
العصيان المدني
تتميز الانتفاضة الأولى بحركة عصيان مدني كبيرة و مظاهرات ضد الاحتلال الإسرائيلي. وكانت حركة العصيان المدني مطروحة قبل بدء الانتفاضة و لكن قادة منظمة التحرير لم يعيروها أي اهتمام اعتقادا منهم أن الأشخاص الداعمين لها سذج جاهلون لحقيقة الوضع الفلسطيني. أما الإسرائيليون فقد كانوا يدركون مدى امكانيتها لكنهم قللوا من أهميتها
ومن بين أشد مناصري حركة العصيان المدني، مبارك عوض، وهو عالم نفس عاش 15 سنة في الولايات المتحدة الأمريكية، وعاد سنة 1983 إلى القدس ليفتح مركزا للاعنف. وقد باءت جميع محاولاته لتطبيق سياسة اللاعنف على الأرض بالفشل. وكان أعضاء منظمة التحرير يحتقرونه و يهددونه ويعتبرونه عميلا للمخابرات الأمريكية
في سنة 1986 بدأ الفلسطينيون يهتمون بأفكاره. وكان الرجل قد اخترع أكثر من مئة و عشرين طريقة كفاح لاعنفي وكان يدعمه سري نسيبة و حنا سنيورة. وقد قام هذا الأخير بإطلاق نداء لحركة عصيان مدني تبدأ بمقاطعة السجائر و المشروبات الغازية و تمتد لاحقا إلى رفض دفع الضرائب و انتهاء بالقطيعة من النظام الإسرائيلي. غير أن نداءه لم يجد أي صدى واتهم بأنه يريد أن يمنع الشباب من مواجهة الجيش في الشارع. اقترح مبارك عوض بتعويض أعمال الشغب بحملات تنظيف و مسيرات صامتة. كما دعا إلى إنشاء هياكل فلسطينية لتعويض هياكل الإدارة المدنية الإسرائيلية بحيث تكون هذه الهياكل نواة لدولة فلسطينية في المستقبل. ودعا كذلك إلى تخزين المؤن الغذائية و الوقود و خلق نظم تمويل محلية بدل انتظار المساعدات الخارجية
في نهاية شهر جانفي/كانون الثاني 1988 اجتمع أعضاء القيادة الوطنية الموحدة و اتفقوا على أن حركة الثورة لا يمكن أن تستمر أكثر من ستة أشهر كما كانوا يؤمنون -بفضل خبرتهم- أن طاقة تحمل الشعب ليست قوية و اتفقوا على أن خير حل يكمن في فكرة العصيان المدني و بدؤوا في دراسة أفكار عوض و اعتمدوا عددا من نقاط برنامجه كبرنامج للانتفاضة عندئذ أخذت الانتفاضة توجها على المدى الطويل. وأصبح مبارك عوض مطلوبا بكثرة و أصبح أعداء الأمس من أشد المدافعين عنه. وبدأت أفكاره تلاقي نجاحا فوجد نفسه تحت تهديد الطرد من قبل السلطات الإسرائيلية وذلك عن طريق وزير الدفاع الذي أعلن أنه لن يتم تجديد تأشيرته السياحية و ذلك رغم الدعم الذي تلقاه من عدد من الشخصيات الأمريكية. قرر عوض استئناف القرار أمام المحكمة العليا في إسرائيل و أعلن أنه مستعد لاعتناق الدين اليهودي إن لزم الأمر ذلك
قررت إسرائيل تطبيق إجراءات عقابية و رادعة لإعادة السيطرة للإدارة المدنية الإسرائيلة و الحد من انتشار حركة العصيان. وتمت مراجعة القانون الجزائي ليسمح بالقيام بعمليات إيقاف موسعة. بالإضافة إلى بناء عدد من مراكز الإيقاف لاحتواء العدد الكبير من الموقوفين الفلسطنيين لفترات طويلة. وقرر الجيش كذلك المد من فترات حظر التجوال. وخلال العام الأول للانتفاضة تم إحصاء 1600 حظر تجوال منها 118 لفترة لا تقل عن خمسة أيام. وعاش جميع سكان قطاع غزة حالة منع تجوال وكذا ما لا يقل 80% من القرى و المدن العربية بالضفة الغربية. كما تم إغلاق الجامعات و المدارس الفلسطينية وإبعاد 140 من قادة الانتفاضة إلى جانب هدم عدد من المنازل
كما أغلقت الجمعيات التي أبدت رغبة في الاستقلال أو انتقاد إسرائيل. ومنع القادمين من الأردن من إدخال مبالغ مالية تفوق مائتي دينار أردني من أجل الحد من الدعم الخارجي للانتفاضة بعد أن كان يسمح بإدخال ألفي دينار. وتم تنظيم حملات من أجل إجبار الفلسطينيين على دفع الضرائب الإسرائيلية واشترط لتجديد رخص التصدير القيام بدفع الضرائب. وتم إرساء حصار على عدد من المناطق المؤهولة بالعرب فقط مما منعهم من التحرك أو تصدير ما ينتجونه. ووصل الأمر كذلك إلى حد قطع التيار الكهربائي والإمدادات بالماء و خطوط الهاتف. وزاد الوضع تدهورا عندما منعت الأردن استيراد عدد من بضائع الضفة. وقد أدت مجمل هذه السياسات إلى انقلاب ميزان القوة و تدهور مستوى المعيشة لدى الفلسطينيين بنسبة تترواح بين 30 و 40 %
دور النساء
على عكس الاحتجاجات السابقة, فقد لعبت النساء الفلسطينيات دورا بارزا خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى إذ لم يكن يخشين مواجهة الجيش الإسرائيلي أو دعم القضية الفلسطينية. كان هذا الدعم ملموسا في الواقع إذ كن يمثلن ثلث ضحايا الانتفاضة كان دورهم في المدن أكبر من دور النساء في القرى. يعود هذا إلى التأثير الكبير للسلطة الأبوية في القرى و الذي يقوم بإبقاء النساء في القرى بدأت الانتفاضة السماح للنساء بتأكيد وجدهم على الصعيد الاجتماعي و السياسي مما شكل قطيعة مع الماضي. ففي السابق كانت النساء الناشطات هم فقط اللواتي يشاركن في السياسة الوطنية.
بدأ دخول المرأة الفلسطينية معترك السياسة في سبعينات القرن الماضي بإنشاء عدد من الجمعيات الطلابية, و صاحب دخول المرأة الفلسطينية السياسة إلى ارتفاع عدد السجينات الذي لم يكن يتعد بضع مئات خلال السبعينات ليرتفع لبضعة آلاف خلال الثمانينات. وقد ساهمت السياسة الأسرائيلية النساء الفلسطينيات لاسماع صوتهن بعد أن قامت بإلغاء إجراء أردني يعود إلى سنة 1955 الذي كان يمنعهن من التصويت فاستطاعت المشاركة في انتخابات البلدية عام 1976 و تم انتخاب عدد منهن في عدد من المجالس البلدية
مع تدهور أوضاع المعيشة وارتفاع وتيرة الإنتهاكات الإسرائيلية زادت مشاركة المرأة و ذلك إما عن طريق رمي الحجارة أو تنظيم مظاهرات أو في صياغة سياسة تسمح من التحصل على مكاسب من وراء الانتفاضة. مع تزايد العقوبات الاسرائيلية لعبت النساء دورا مهما لبلوغ الإكتفاء الذاتي إذ قمن بإنشاء تعاونيات من أجل توفير كل المواد التي شح وجودها بسبب العقوبات
حركة الكفاح المسلح
رغم أن الانتفاضة عرفت بطابعها السلمي فإن النشاط المسلح كان موجودا بنسبة 15%، وهو يستهدف أساسا الجنود الإسرائيليين و المستوطنين و المتعاونين معهم. وبينما لم تكن حماس تفرق بين الجندي و المستوطن معلنة أن "مستوطن اليوم يكون غدا جنديا"، كانت نداءات القيادة الوطنية الموحدة تفرق بينهما دون أن تشير إلى المدنيين الإسرائيليين غير القاطنين بالأراضي المحتلة وكان يتم كذلك نشر قوائم بأسماء المتعاونين مع إسرائيل. وبينما كانت حماس تقدمهم على أنهم مصابون بعقلية مريضة، و انهزاميون، و جبناء و أنهم لا يرتقون إلى مرتبة الرجل، كانت القيادة الموحدة تعتبرهم منشقين عن الصف الوطني
تم إنشاء ما يسمى بالقوات الضاربة بعد تكون القيادة الوطنية الموحدة و كان أعضاء فتح في البداية من استعان بهم. كانت مهمة هذه القوات تتمثل في تطبيق توصيات القيادة الموحدة و معاقبة من يبتعد عن نداءات الوطن. لكن تعدد القوات المسلحة لم يلق قبولا من الجميع و يمكن ملاحظة ذلك من خلال منشورات كل فصيل
شهدت الانتفاضة عددا من العمليات ضد الأهداف الإسرائيلية مثل عملية ديمونا بالنقب عام 1988 حينما تمت مهاجمة حافلة تقل عاملين متوجهين إلى مفاعل ديمونة. كان يتم كذلك اختطاف جنود يهود لمبادلة أسرى بهم ، وملاحقة وقتل العملاء وسماسرة الأراضي فرديا وجماعيا. عرفت الانتفاضة ظاهرة حرب السكاكين إذ كان الفلسطينيون يهاجمون الجنود و المستوطينين الاسرئيليين بالسكاكين و يطعنونهم
نشأة حركة حماس
عندما اندلعت الانتفاضة في قطاع غزة، طلب طلبة أحمد ياسين منه المشاركة و دخول المجال المسلح بدل الخط السياسي. لم يكن أحمد ياسين يريد مواجهة إسرائيل عسكريا و كان يمنع هذا النوع من الأنشطة لأنه كان يعتبر أن أي مواجهة مع الدولة العبرية سيكون مكلفا. ولكنه غير من وجهة نظره بعد أسابيع من انطلاق الانتفاضة و تم البدء في توزيع مناشير تدعو للانضمام إلى صفوف الحركة. كانت المناشير توقع باسم حركة المقاومة الإسلامية و كان هذا الاسم مجهولا في تلك الفترة. عندما أنشئت القيادة الوطنية الموحدة، اعتبر أحمد ياسين هذه الخطوة كمناورة قامت بها حركة تحرير فلسطين لتسيطر على الانتفاضة فقرر إنشاء حركة حماس و ذلك في 14 ديسمبر 1987 كما حاول حماية المؤتمر الإسلامي الذي يترأسه بإقناع الناس بأن حماس و المؤتمر جهتان منفصلتان.
تم إنشاء شبكة استخبارات اسمها مجد لملاحقة الأشخاص المتعاونين مع الشين بيت. كما التحق أعضاء الإخوان المسلمين بحماس التي تطورت و أصبحت تمثل دورا هاما في القطاع. بدأت بهاجمة الجنود العزل كما قامت بحرق المحلات و الحقول المملوكة من قبل إسرائيليين. وفي الصيف الموالي أصبح لحماس وجود لا يستهان به في الضفة.
قرر الوسط الأمني الإسرائيلي بالقيام بعملية موسعة بين شهري جويلية و سبتمبر 1988. فتم إيقاف 120 من القادة الكبار في المنظمة منهم جميل التميمي المسؤول عن عملية التنسيق بين القطاع و الضفة. أما أحمد ياسين فلم يتم إيقافه بسبب حالته الصحية و تم تحذيره بشدة إن قام بدعم الأعمال «الإرهابية». تم التفكير في منعه من المكوث في غزة ولكن تم التراجع عنها تخوفا من أن يسهم ذلك القرار في زيادة شعبيته بعد هذه الحملة نجحت حماس في إعادة تنظيم صفوفها خلال أسابيع. فتم شن حملة عسكرية ثانية في ماي 1989 و تم إيقاف الشيخ أحمد ياسين مع 260 ناشطا من حماس ولكن إسرائيل كانت مدركة أن الحركة كانت قادرة على إعادة تنظيم صفوفها مع تزايد وتيرة الإنتفاضة
عرب 48
لم يكن أحد يتوقع مشاركة عرب الـ48 و فوجئ بها الجميع، فقد كان رد فعلهم أسرع من رد فعل منظمة التحرير في تونس فقد أعلن فلسطينيو الداخل بأنهم جزء من الانتفاضة و لكن بدل استعمال العنف سيقومون باستعمال حقوقهم من داخل النظام الديمقراطي الإسرائيلي فقد قام عرب الداخل بتنظيم مظاهرات و حركات إضراب تضامنية و كانوا يفخرون بالجرأة التي يواجهون بها الجيش الإسرائيلي. وقاموا بإرسال مساعدات غذائية و أدوية و مساعدات مالية إلى الفلسطينيين كما كانوا يتبرعون بالدم لصالحهم أما النواب العرب بالكنيست فقد كانوا يتدخلون من أجل الأسرى الفللسطينيين. وقد وجد عرب الداخل كذلك دعما من قبل بعض فصائل اليسار الإسرائيلي
عندما وجدت القيادة الموحدة صعوبات من أجل طباعة المناشير تم اللجوء إلى مطابع الناصرة أكبر مدينة عربية داخل إسرائيل و من ثم إلى القرى العربية. وضع البعض حساباتهم البنكية تحت تصرف منظمة التحرير من أجل تحويل الأموال. وقام آخرون بإعطاء هواتفهم عندما قرر جهاز الشاباك قطع الخطوط الدولية من أجل منع الفلسطينيين من استقبال مكالمات من الخارج[54].
ساهمت الانتفاضة في تسريع عملية «فلسطنة» عرب الداخل. كما ساهمت في تغيير استراتيجيتهم السياسية التي كانت تعمل على التأثير على سياسة الداخل الإسرائيلية بالتغلل في الإدارات. وقد استقال نائبان عربيان ينتميان لحزبين صهيونيين من أجل إنشاء الحزب العربي الديمقراطي. ولم يعد الناخبون العرب يصوتون للأحزاب الصهيونية بل أصبحوا للاحزاب غير الصهيوينة مع توجه للأحزاب المتعاطفة مع الفلسطينيين مثل الحزب الشيوعي الإسرائيلي و القائمة التقدمية من أجل السلام. وبالفعل ارتفعت سنة 1988 نسبة مشاركتهم في الانتخابات إلى 73% مع تصويت الثلثين لأحزاب غير صهيونية[55]. أدت الانتفاضة كذلك إلى خروج جيل جديد من الشباب من أصحاب الشهادات على مستوى عال من الوعي و تعاطف كبير مع الانتفاضة
الكتابة على الجدران
قبل بدأ الانتفاضة كانت الكتابة على الجدران حكراً على فصائل منظمة التحرير وعندما تفجرت الانتفاضة بدأت الحركة الإسلامية (حماس، الجهاد الإسلامي) الكتابة على الجدران بدون خبرات سابقة و أصبحت هذه الكتابة من نشاطاتها. كانت هذه الشعارات تبدأ بالشعارات التاريخية كما كان يتم اللجوء إلى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية و الاقتباس من الأناشيد والأشعار الإسلامية. ومن هذا المنطلق فقد أكثرت شعارات حماس من وصف الانتفاضة بأنها "إسلامية" و "مباركة" وأنها "ثورة مساجد" وأنها "حرب عقائدية" وأن استمرارها "قدر رباني" وأن عنوانها الكبير صيحات التكبير وأن الإسلاميين هم الذين "فجروا" الانتفاضة (لم تقصد حماس من تفجير الانتفاضة تعجيل المفاوضات مع جزاري شعبنا. (حماس - دير غسانة)) بينما كانت شعارات فتح تأكد أنها أول من حمل الرصاص والحجارة ضد الاحتلال (فتح أو رصاصة وأول حجر. (فتح - بيت لقيا)). من الجهة الأخرى لم تركز شعارات القيادة الوطنية الموحدة على إعطاء وصف محدد للانتفاضة
جاءت هذه الكتابات في ظل غياب وسائل الإعلام التي لم تستطع النفاذ في زمن الانتفاضة إلى الرأي العام الفلسطيني نظراً للممارسات الشديدة التي قامت بها سلطات الاحتلال عليها من اعتقال للصحفيين وإغلاقه لها، وتشديد دائرة الرقابة عليها، وتأخير صدورها فكان الجدار المحل الوحيد لنقل مجريات الواقع و أصبح للجدران وظيفة إعلامية مما جعل جدران فلسطين توصف بأنها جريدة الشارع الفلسطيني و أصبحت القيادات المحلية تستعمله للإيصال الرسائل التي لا تستطيع إيصالها عبر مختلف وسائل الإعلام. و حرصت الفصائل الفلسطينية المختلفة على الإكثار من الكتابات الجدارية لأنها تمثل إحدى علامات الوجود والقوة في منطقة معينة على سبيل شعار (فتح مرت من هنا) (وحماس في كل مكان) كما أكثرت الفصائل من كتابة أسمائها "مجردة" في كل الأماكن كأسلوب للدعاية وإثبات الوجود. ومن هنا فقد قام البعض في الساحة الفلسطينية بمسح شعارات الآخرين لنفس الأسباب
تتراوح أعمار الأشخاص الذين يقومون بكتابة الشعارات بين 13-35 عاماً، مع وجود ملحوظ لفئة 16-25 عاماً. يتميز هؤلاء الأشخاص بكونهم على قدر من التعليم والثقافة، أما صياغة الشعار فقد تكون من فعل الكتاب أنفسهم أو بتوجيه من القيادات الميدانية أو العليا. والكتابة قد تكون بعد تخطيط مسبق أو توجيه خارجي و هو الغالب حيث يقوم مجموعة أشخاص منقسمون إلى مجموعة تقوم بالكتابة و اخرى بالحراسة ويتم استعمال علب الدهانو اللجوء إلى كتابة بخط كبير ظاهر الجدران، كما قد تكون بمبادرة فردية ذاتية و يتم استعمال القلم أو العود أو المسمار أو غيره للكتابة على الدفاتر والكتب ومقاعد الحافلات والجدران الداخلية للصفوف المدرسية والمرافق العامة
على الصعيد الدولي سمحت الانتفاضة بأن يطلع العالم و يهتم بالقضية الفلسطينية و سمحت المشاهد التلفزية للتعسف الإسرائيلي كالمشهد الذي التقطته أجهزة التصوير التلفزيوني الغربية لجنود يكسرون أيدي بعض الشباب بالحجارة الكبيرة الذي دوى في سمع الرأي العام العالمي الذي جعله يتعاطف مع الفلسطينيين. انتشرت الكوفية في المجتمع الغربي و كانت تدل على تعاطف و مساندة للفلسطينيين و أصبحت رمزا للثورة.
في 22 من ديسمبر 1987, أي بعد أسبوعين من بدأ الانتفاضة, أصدر مجلس الأمن قراره رقم 605 بعد الرسالة التي بعثها المندوب الدائم لليمن الذي كان ممثلا للدول العربية لشهر ديسمبر 1987[59]. وقد شجب القرار السياسات والممارسات التي تنتهك من حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وبصفة خاصة قيام الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار مما أدّى إلى مقتل وجرح مدنيين فلسطينيين عزّل[60] و طلب من إسرائيل التي تمثل السلطة القائمة بالاحتلال أن تتقيد فوراً وبدقّة باتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب.
الضحايا
تقدر حصيلة الضحايا الفلسطينيين الذين قضوا على أيدي القوات الإسرائيلية أثناء انتفاضة الحجارة بحوالي 1,162 شهيد، بينهم حوالي 241 طفلا ونحو 90 ألف جريح ومصاب و15 ألف معتقل فضلاً عن تدمير ونسف 1,228 منزلاً، واقتلاع 140 ألف شجرة من الحقول والمزارع الفلسطينية، أما من الجانب الإسرائيلي فقتل 160،منهم 5 فقط من الأطفال .
تم اعتقال ما يقارب من 60.000 أسير فلسطينى من القدس والضفة والقطاع و عرب الداخل بالاضافة للأسرى العرب. لاستيعاب هذا العدد الهائل من الأسرى اضطرت إسرائيل إلى افتتاح سجون،مثل سجن كتسيعوت في صحراء النقب والذي افتتح في عام 1988
نتائج الانتفاضة
حققت الانتفاضة الأولى نتائج سياسية غير مسبوقة ّاذ تم الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني عبر الاعتراف الاسرائيلي الأميركيبسكان الضفة والقدس والقطاع على أنهم جزء من الشعب الفلسطيني وليسوا أردنيين
ادركت إسرائيل أن للاحتلال تأثير سلبي على المجتمع الفلسطيني كما أن القيادة العسكرية أعلنت عن عدم وجود حل عسكري للصراع مع الفلسطنيين، مما يعني ضرورة البحث عن حل سياسي بالرغم الرفض الذي أبداه رئيس الوزاراء إسحاق شامير عن بحث أي تسوية سياسية مع الفلسطنيين. أدت هزيمة صدام حسين خلال حرب الخليج الثانية إلى ارتياح في داخل المجتمع الاسرائيلي مما يعني نهاية أي تهديد محتمل من "الجبهة الشرقية" واستبعاد فكرة احتمال تشكيل قوات تحالف عربية لمهاجمة إسرائيل، مما أدى إلى تغير الشعور الإسرائيلي بالتهديد فاكتسبت إسرائيل القدر الكافي من الثقة الذي يمكنها من القيام بمبادرات سياسية أكثر خطر و أراد كل من الرئيس بوش الأب وحلفائه الأوروبيين والعرب في استخدام نتائج الحرب كنقطة إنطلاق لعملية سلام بين العرب والدولة العبرية. فجاء مؤتمر مدريد الذي شكل بداية لمفاوضات السلام الثنائية بين إسرائيل والدول العربي و تم التشاور مع الفلسطينيين حول حكم ذاتي. تم اجراء بعد ذلك عدد من المفاوضات غير العلنية بين الفلسطينيين والإسرائيليين في النرويج التي ادت إلى التوصل لاتفاق اسلو الذي أدى انسحاب اسرائيلي تدريجي من الـمدن الفلسطينية، الذي بدأ بغزة وأريحا أولاً، في عام 1994، وتواصل مع باقي الـمدن باستثناء القدس وقلب مدينة الخليل، التي انحسر عنها الاحتلال في 15/1/1998.
كان قد سبق التوقيع تبادل عدد من الرسائل بين ياسر عرفات و اسحاق رابين تعترف فيه منظمة التحرير بحق إسرائيل في الوجود و تتخلى عن اللجوء إلى الرهاب. في المقابل تتلتزم إسرائيل بإيجاد حل سلمي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي و اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل الشعب الفلسطيني
تم انشاء السلطة الوطنية فلسطينية التي أصبحت لها لاسيادة مكان الادارة المدنية الاسرائيلية تنفيذاً للاتفاقات الموقعة. في اغسطس 2004، تم نقل الصلاحيات والمسؤولية إلى ممثلين فلسطينيين في الضفة الغربية في خمسة مجالات محددة: التعليم والثقافة، الصحة، الرفاه الإجتماعي، الضرائب المباشرة والسياحة. في 20 جانفي 1996 تم اجراء أول انتخابات رئاسية و تشريعية فلسطينية . في ايلول سبتمبر 1995 تم توقيع اتفاق جديد سمي باوسلو 2 و تضمن توسيع الحكم الذاتي الفلسطيني من خلال تشكيل المجلس التشريعي الفلسطيني وهو هيئة حكم ذاتي فلسطينية منتخبة.