منتديات طريق العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


طريق العرب
 
الرئيسيةإتصل بناأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
سعد عنتر سعد
مراقب
مراقب
سعد عنتر سعد


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 2517
نقاط : 6975
العمر : 33

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء Empty
مُساهمةموضوع: الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء   الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء Emptyالأربعاء 17 فبراير 2010 - 17:03



هارون عليه السلام

نبذة:

أخو موسى ورفيقه في دعوة فرعون إلى الإيمان بالله لأنه كان فصيحا ومتحدثا، استخلفه موسى على قومه عندما ذهب للقاء الله فوق جبل الطور، ولكن حدثت فتنة السامري الذي حول بني إسرائيل إلى عبادة عجل من الذهب له خوار ، فدعاهم هارون إلى الرجوع لعبادة الله بدلا من العجل ولكنهم استكبروا فلما رجع موسى ووجد ما آل إليه قومه عاتب هارون عتابا شديدا.

سيرته:

لا يذكر الكثير عن سيرة هارون عليه السلام. إلا أن المعلوم هو أن الله أيد موسى بأخيه هارون في دعوته فلقد كان هارون عليه السلام أفصح لسانا. وورد موقف موسى عليه السلام من أخيه حين استخلفه على بني إسرائيل وذهب للقاء ربه، فعبدت بنو إسرائيل العجل الذي صنعه السامري. القصة مذكورة بتفاصيلها في قصة موسى عليه السلام.

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء V192

يوشع بن نون عليه السلام

نبذة:
ورد أنه الفتى الذي صاحب موسى للقاء الخضر. وهو النبي الذي أخرج الله على يديه بني إسرائي من صحراء سيناء، وحاربوا أهل فلسطين وانتصروا عليهم.
سيرته:
لم يخرج أحد من التيه ممن كان مع موسى. سوى اثنين. هما الرجلان اللذان أشارا على ملأ بني إسرائيل بدخول قرية الجبارين. ويقول المفسرون: إن أحدهما يوشع بن نون. وهذا هو فتى موسى في قصته مع الخضر. صار الآن نبيا من أنبياء بني إسرائيل، وقائدا لجيش يتجه نحو الأرض التي أمرهم الله بدخولها.
خرج يوشع بن نون ببني إسرائيل من التيه، بعد أربعين سنة، وقصد بهم الأرض المقدسة. ,كانت هذه الأربعين سنة -كما يقول العلماء- كفيلة بأن يموت فيها جميع من خرج مع موسى عليه السلام من مصر، ويبقى جيل جديد تربى على أيادي موسى وهارون ويوشع بن نون، جيل يقيم الصلا ويؤتي الزكاة ويؤمن بالله ورسله. قطع بهم نهر الأردن إلى أريحا، وكانت من أحصن المدائن سورا وأعلاها قصورا وأكثرها أهلا. فحاصرها ستة أشهر.
وروي في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ‏(غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل قد ملك ‏ ‏بضع ‏ ‏امرأة وهو يريد أن ‏ ‏يبني ‏ ‏بها ولما ‏ ‏يبن ‏ ‏ولا آخر قد بنى بنيانا ولما يرفع سقفها ولا آخر قد اشترى غنما أو ‏ ‏خلفات ‏ ‏وهو منتظر ولادها قال فغزا ‏ ‏فأدنى ‏ ‏للقرية ‏ ‏حين صلاة العصر أو قريبا من ذلك فقال للشمس أنت مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها علي شيئا فحبست عليه حتى فتح الله عليه قال فجمعوا ما غنموا فأقبلت النار لتأكله فأبت أن ‏ ‏تطعمه ‏ ‏فقال فيكم ‏ ‏غلول ‏ ‏فليبايعني من كل قبيلة رجل فبايعوه فلصقت يد رجل بيده فقال فيكم ‏ ‏الغلول ‏ ‏فلتبايعني قبيلتك فبايعته قال فلصقت بيد رجلين أو ثلاثة فقال فيكم ‏ ‏الغلول ‏ ‏أنتم ‏ ‏غللتم ‏ ‏قال فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب قال فوضعوه في المال وهو ‏ ‏بالصعيد ‏ ‏فأقبلت النار فأكلته فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله تبارك وتعالى رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا) ويرى العلماء أن هذا النبي هو يوشع بن نون، فقد كان اليهود لا يعملون ولا يحاربون يوم السبت، وعندما خشي أن يذهب النصر إذا توقف اليهود عن القتال، فدعى الله أن يحبس الشمس. واخْتـُلِفَ في حبس الشمس المذكور هنا, فقيل: ردت على أدراجها, وقيل: وقفت ولم ترد, وقيل: أبطئ بحركتها, وكل ذلك من معجزات النبوة .
صدر الأمر الإلهي لبني إسرائيل أن يدخلوا المدينة سجدا.. أي راكعين مطأطئي رءوسهم شاكرين لله عز وجل ما من به عليهم من الفتح. أمروا أن يقولوا حال دخولهم: (حِطَّةٌ).. بمعنى حط عنا خطايانا التي سلفت، وجنبنا الذي تقدم من آبائنا.
إلا أن بني إسرائيل خالف ما أمرت به قولا وفعلا.. فدخلوا الباب متعالين متكبرين، وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم.. فأصابهم عذاب من الله بما ظلموا. كانت جريمة الآباء هي الذل، وأصبحت جريمة الأبناء الكبرياء والافتراء.
ولم تكن هذه الجريمة هي أول جرائم بني إسرائيل ولا آخر جرائمهم، فقد عذبوا رسلهم كثيرا بعد موسى، وتحولت التوراة بين أيديهم إلى قراطيس يبدون بعضها ويخفون كثيرا. حسبما تقتضي الأحوال وتدفع المصلحة المباشرة، وكان هذا الجحود هو المسؤول عما أصاب بني إسرائيل من عقوبات.
عاد بنو إسرائيل إلى ظلمهم لأنفسهم.. اعتقدوا أنهم شعب الله المختار، وتصوروا انطلاقا من هذا الاعتقاد أن من حقهم ارتكاب أي شيء وكل شيء.. وعظمت فيهم الأخطاء وتكاثرت الخطايا وامتدت الجرائم بعد كتابهم إلى أنبيائهم، فقتلوا من قتلوا من الأنبياء.
وسلط الله عليهم بعد رحمة الأنبياء قسوة الملوك الجبارين، يظلمونهم ويسفكون دمائهم، وسلط الله أعدائهم عليهم ومكن لهم من رقابهم وأموالهم.
وكان معهم تابوت الميثاق. وهو تابوت يضم بقية مما ترك موسى وهارون، ويقال إن هذا التابوت كان يضم ما بقي من ألواح التوراة التي أنزلت على موسى ونجت من يد الزمان. وكان لهذا التابوت بركة تمتد إلى حياتهم وحروبهم، فكان وجود التابوت بينهم في الحرب، يمدهم بالسكينة والثبات، ويدفعهم إلى النصر، فلما ظلموا أنفسهم ورفعت التوراة من قلوبهم لم يعد هناك معنى لبقاء نسختها معهم، وهكذا ضاع منهم تابوت العهد، وضاع في حرب من حروبهم التي هزموا فيها.
وساءت أحوال بني إسرائيل بسبب ذنوبهم وتعنتهم وظلمهم لأنفسهم. ومرت سنوات وسنوات. واشتدت الحاجة إلى ظهور نبي ينتشلهم من الوهدة السحيقة التي أوصلتهم إليها فواجع الآثام وكبائر الخطايا.

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء V192



عدل سابقا من قبل saad anter في الأربعاء 17 فبراير 2010 - 18:29 عدل 2 مرات (السبب : http://hajisqssu.jeeran.com/v192.gif)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/saadanter
سعد عنتر سعد
مراقب
مراقب
سعد عنتر سعد


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 2517
نقاط : 6975
العمر : 33

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء   الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء Emptyالأربعاء 17 فبراير 2010 - 17:52



داود عليه السلام

نبذة:

‏‏آتاه الله العلم والحكمة وسخر له الجبال والطير يسبحن معه وألان له الحديد، كان عبدا خالصا لله شكورا يصوم يوما ويفطر يوما يقوم نصف الليل وينام ثلثه ويقوم سدسه وأنزل الله عليه الزبور وقد أوتي ملكا عظيما وأمره الله أن يحكم بالعدل.

سيرته:
حال بنو إسرائيل قبل داود:
قبل البدء بقصة داود عليه السلام، لنرى الأوضاع التي عاشها بنو إسرائل في تلك الفترة.

لقد انفصل الحكم عن الدين..فآخر نبي ملك كان يوشع بن نون.. أما من بعده فكانت الملوك تسوس بني إسرائيل وكانت الأنبياء تهديهم. وزاد طغيان بني إسرائيل، فكانوا يقتلون الأنبياء، نبيا تلو نبي، فسلط الله عليهم ملوكا منهم ظلمة جبارين، ألوهم وطغوا عليهم.

وتتالت الهزائم على بني إسرائيل، حتى انهم أضاعوا التابوت. وكان في التابوت بقية مما ترك آل موسى وهارون، فقيل أن فيها بقية من الألواح التي أنزلها الله على موسى، وعصاه، وأمورا آخرى. كان بنو إسرائيل يأخذون التابوت معهم في معاركهم لتحل عليهم السكينة ويحققوا النصر. فتشروا وساءت حالهم.

في هذه الظروف الصعبة، كانت هنالك امرأة حامل تدعو الله كثيرا أن يرزقها ولدا ذكرا. فولدت غلاما فسمته أشموئيل.. ومعناه بالعبرانية إسماعيل.. أي سمع الله دعائي.. فلما ترعرع بعثته إلى المسجد وأسلمته لرجل صالح ليتعلم منه الخير والعبادة. فكان عنده، فلما بلغ أشده، بينما هو ذات ليلة نائم: إذا صوت يأتيه من ناحية المسجد فانتبه مذعورا ظانا أن الشيخ يدعوه. فهرع أشموئيل إلى يسأله: أدعوتني..؟ فكره الشيخ أن يفزعه فقال: نعم.. نم.. فنام..

ثم ناداه الصوت مرة ثانية.. وثالثة. وانتبه إلى جبريل عليه السلام يدعوه: إن ربك بعثك إلى قومك.

اختيار طالوت ملكا:
ذهب بنو إسرائيل لنبيهم يوما.. سألوه: ألسنا مظلومين؟
قال: بلى..
قالوا: ألسنا مشردين؟
قال: بلى..
قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا.
قال نبيهم وكان أعلم بهم: هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟
قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟
قال نبيهم: إن الله اختار لكم طالوت ملكا عليكم.
قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء الأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا- كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنى منه؟
قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه.
قالوا: ما هي آية ملكه؟
قال لهم نبيهم: يسرجع لكم التابوت تجمله الملائكة.

ووقعت هذه المعجزة.. وعادت إليهم التوراة يوما.. ثم تجهز جيش طالوت، وسار الجيش طويلا حتى أحس الجنود بالعطش.. قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف نهرا في الطريق، فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقط فليبق معي في الجيش..

وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش، وكان طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة. لم يبق إلا ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا، لكن جميعهم من الشجعان.

كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا.. فشعر بعض -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه وقالوا: كيف نهزم هذا الجيش الجبار..؟*********!

قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد، إنما النصر من عند الله.. (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ).. فثبّتوهم.

وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا يبارزه.. وخاف منه جنود طالوت جميعا.. وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود.. كان داود مؤمنا بالله، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون، وأن العبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل.

وكان الملك، قد قال: من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش ويتزوج ابنتي.. ولم يكن داود يهتم كثيرا لهذا الإغراء.. كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله.. وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت..

وتقدم داود بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه (وهو نبلة يستخدمها الرعاة).. تقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع.. وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه، ووضع داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر. فأصاب جالوت فقتله. وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت.
__________________


جمع الله الملك والنبوة لداود:
بعد فترة أصبح داود -عليه السلم- ملكا لبني إسرائيل، فجمع الله على يديه النبوة والملك مرة أخرى.

وتأتي بعض الروايات لتخبرنا بأن طالوت بعد أن اشتهر نجم داوود أكلت الغيرة قلبه، وحاول قتله، وتستمر الروايات في نسج مثل هذه الأمور. لكننا لا نود الخوض فيها فليس لدينا دليل قوي عليها. ما يهمنا هو انتقال الملك بعد فترة من الزمن إلى داود.

لقد أكرم الله نبيه الكريم بعدة معجزات. لقد أنزل عليه الزبور (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)، وآتاه جمال الصوت، فكان عندما يسبّح، تسبح الجبال والطيور معه، والناس ينظرون. وألان الله في يديه الحديد، حتى قيل أنه كان يتعامل مع الحديد كما كان الناس يتعاملون مع الطين والشمع، وقد تكون هذه الإلانة بمعنى أنه أول من عرف أن الحديد ينصهر بالحرارة. فكان يصنع منه الدروع.

كانت الدروع الحديدية التي يصنعها صناع الدروع ثقيلة ولا تجعل المحارب حرا يستطيع أن يتحرك كما يشاء أو يقاتل كما يريد. فقام داوود بصناعة نوعية جديدة من الدروع. درع يتكون من حلقات حديدية تسمح للمحارب بحرية الحركة، وتحمي جسده من السيوف والفئوس والخناجر.. أفضل من الدروع الموجودة أيامها..

وشد الله ملك داود، جعله الله منصورا على أعدائه دائما.. وجعل ملكه قويا عظيما يخيف الأعداء حتى بغير حرب، وزاد الله من نعمه على داود فأعطاه الحكمة وفصل الخطاب، أعطاه الله مع النبوة والملك حكمة وقدرة على تمييز الحق من الباطل ومعرفة الحق ومساندته.. فأصبح نبيا ملكا قاضيا.

القضايا التي عرضت على داود:
يروي لنا القرآن الكريم بعضا من القضايا التي وردت على داود -عليه السلام.

فلقد جلس داود كعادته يوما يحكم بين الناس في مشكلاتهم.. وجاءه رجل صاحب حقل ومعه رجل آخر..

وقال له صاحب الحقل: سيدي النبي.. إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناء الليل، وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه.. وقد جئت إليك لتحكم لي بالتعويض..

قال داود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل؟

قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي..

قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته.

قال سليمان.. وكان الله قد علمه حكمة تضاف إلى ما ورث من والده: عندي حكم آخر يا أبي..

قال داود: قله يا سليمان..

قال سليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي أكلته الغنم.. ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب، وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنم ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه، فإذا كبرت عناقيد الغنم وعاد الحقل سليما كما كان أخذ صاحب الحقل حقله وأعطى صاحب الغنم غنمه..

قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان.. الحمد لله الذي وهبك الحكمة..

وقد ورد في الصحيح قصة أخرى: حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِى شَبَابَةُ حَدَّثَنِى وَرْقَاءُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا . فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ . وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّما ذَهَبَ بِابْنِكِ . فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا . فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا . فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى ». قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ مَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةَ.

فتنة داود:
وكان داود رغم قربه من الله وحب الله له، يتعلم دائما من الله، وقد علمه الله يوما ألا يحكم أبدا إلا إذا استمع لأقوال الطرفين المتخاصمين.. فيذكر لنا المولى في كتابه الكريم قضية أخرى عرضت على داود عليه السلام.

جلس داود يوما في محرابه الذي يصلي لله ويتعبد فيه، وكان إذا دخل حجرته أمر حراسه ألا يسمحوا لأحد بالدخول عليه أو إزعاجه وهو يصلي.. ثم فوجئ يوما في محرابه بأنه أمام اثنين من الرجال.. وخاف منهما داود لأنهما دخلا رغم أنه أمر ألا يدخل عليه أحد. سألهما داود: من أنتما؟

قال أحد الرجلين: لا تخف يا سيدي.. بيني وبين هذا الرجل خصومة وقد جئناك لتحكم بيننا بالحق.

سأل داود: ما هي القضية؟ قال الرجل الأول: (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ). وقد أخذها مني. قال أعطها لي وأخذها مني..

وقال داود بغير أن يسمع رأي الطرف الآخر وحجته: (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ).. وإن كثيرا من الشركاء يظلم بعضهم بعضا إلا الذين آمنوا..

وفوجئ داود باختفاء الرجلين من أمامه.. اختفى الرجلان كما لو كانا سحابة تبخرت في الجو وأدرك داود أن الرجلين ملكان أرسلهما الله إليه ليعلماه درسا.. فلا يحكم بين المتخاصمين من الناس إلا إذا سمع أقوالهم جميعا، فربما كان صاحب التسع والتسعين نعجة معه الحق.. وخر داود راكعا، وسجد لله، واستغفر ربه..

نسجت أساطير اليهود قصصا مريبة حول فتنة داود عليه السلام، وقيل أنه اشتهى امرأة أحد قواد جيشه فأرسله في معركة يعرف من البداية نهايتها، واستولى على امرأته.. وليس أبعد عن تصرفات داود من هذه القصة المختلقة.. إن إنسانا يتصل قلبه بالله، ويتصل تسبيحه بتسبيح الكائنات والجمادات، يستحيل عليه أن يرى أو يلاحظ جمالا بشريا محصورا في وجه امرأة أو جسدها..

وفاته عليه السلام:
عاد داود يعبد الله ويسبحه حتى مات… كان داود يصوم يوما ويفطر يوما.. قال رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم عن داود: "أفضل الصيام صيام داود. كان يصوم يوما ويفطر يوما. وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتا، وكانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه ويبكي ببكائه كل شيء ويشفي بصوته المهموم والمحموم"..

جاء في الحديث الصحيح أن داود عليه السلام كان شديد الغيرة على نساءه، فكانت نساءه في قصر، وحول القصر أسوار، حتى لا يقترب أحد من نساءه. وفي أحد الأيام رأى النسوة رجلا في صحن القصر، فقالوا: من هذا والله لن رآه داود ليبطشنّ به. فبلغ الخبر داود -عليه السلام- فقال للرجل: من أنت؟ وكيف دخلت؟ قال: أنا من لا يقف أمامه حاجز. قال: أنت ملك الموت. فأذن له فأخذ ملك الموت روحه.

مات داود عليه السلام وعمره مئة سنة. وشيع جنازته عشرات الآلاف، فكان محبوبا جدا بين الناس، حتى قيل لم يمت في بني إسرائيل بعد موسى وهارون أحد كان بنو إسرائيل أشد جزعا عليه.. منهم على داود.. وآذت الشمس الناس فدعا سليمان الطير قال: أظلي على داود. فأظلته حتى أظلمت عليه الأرض. وسكنت الريح. وقال سليمان للطير: أظلي الناس من ناحية الشمس وتنحي من ناحية الريح. وأطاعت الطير. فكان ذلك أول ما رآه الناس من ملك سليمان

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء V192



عدل سابقا من قبل saad anter في الأربعاء 17 فبراير 2010 - 18:35 عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/saadanter
سعد عنتر سعد
مراقب
مراقب
سعد عنتر سعد


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 2517
نقاط : 6975
العمر : 33

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء   الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء Emptyالأربعاء 17 فبراير 2010 - 18:06



سليمان عليه السلام

نبذة:
آتاه الله العلم والحكمة وعلمه منطق الطير والحيوانات وسخر له الرياح والجن، وكان له قصة مع الهدهد حيث أخبره أن هناك مملكة باليمن يعبد أهلها الشمس من دون الله فبعث سليمان إلى ملكة سبأ يطلب منها الإيمان ولكنها أرسلت له الهدايا فطلب من الجن أن يأتوا بعرشها فلما جاءت ووجدت عرشها آمنت بالله.

سيرته:
(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) ورثه في النبوة والملك.. ليس المقصود وراثته في المال، لأن الأنبياء لا يورثون. إنما تكون أموالهم صدقة من بعدهم للفقراء والمحتاجين، لا يخصون بها أقربائهم. قال محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم: "نحن معشر الأنبياء لا نورث".

ملك سليمان:
لقد آتى الله سليمان –عليه السلام- ملكا عظيما، لم يؤته أحدا من قبله، ولن يعطه لأحد من بعده إلى يوم القيامة. فقد استجاب الله تعالى لدعوة سليمان (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي). لنتحدث الآن عن بعض الأمور التي سخرها الله لنبيه سليمان عليه السلام. لقد سخر له أمرا لم يسخره لأحد من قبله ولا بعده.. سخر الله له "الجن". فكان لديه –عليه السلام- القدرة على حبس الجن الذين لا يطيعون أمره، وتقييدهم بالسلاسل وتعذيبهم. ومن يعص سليمان يعذبه الله تعالى. لذلك كانوا يستجيبون لأوامره، فيبنون له القصور، والتماثيل –التي كانت مباحة في شرعهم- والأواني والقدور الضخمة جدا، فلا يمكن تحريكها من ضخامتها. وكانت تغوص له في أعماق البحار وتستخرج اللؤلؤ والمرجان والياقوت..
وسخر الله لسليمان –عليه السلام- الريح فكانت تجري بأمره. لذلك كان يستخدمها سليمان في الحرب. فكان لديه بساطا خشبيا ضخم جدا، وكان يأمر الجيش بأن يركب على هذا الخشب، ويأمر الريح بأن ترفع البساط وتنقلهم للمكان المطلوب. فكان يصل في سرعة خارقة.
ومن نعم الله عليه، إسالة النحاس له. مثلما أنعم على والده داود بأن ألان له الحديد وعلمه كيف يصهره.. وقد استفاد سليمان من النحاس المذاب فائدة عظيمة في الحرب والسلم.
ونختم هذه النعم بجيش سليمان عليه السلام. كان جيشه مكون من: البشر، والجن، والطيور. فكان يعرف لغتها.

سليمان والخيل:
بعد عرض أنعم الله عليه، لنبدأ بقصته عليه السلام. وبعض أحداثها.
كان سليمان –عليه السلام- يحب الخيل كثيرا، خصوصا ما يسمى (بالصافنات)، وهي من أجود أنواع الخيول وأسرعها. وفي يوم من الأيام، بدأ استعراض هذه الخيول أمام سليمان عصرا، وتذكر بعد الروايات أن عددها كان أكثر من عشرين ألف جواد، فأخذ ينظر إليها ويتأمل فيها، فطال الاستعراض، فشغله عن ورده اليومي في ذكر الله تعالى، حتى غابت الشمس، فانتبه، وأنب نفسه لأن حبه لهذه الخيول شغله عن ذكر ربه حتى غابت الشمس، فأمر بإرجاع الخيول له (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ). وجاءت هنا روايتان كلاهما قوي. رواية تقول أنه أخذ السيف وبدأ بضربها على رقابها وأرجلها، حتى لا ينشغل بها عن ذكر الله. ورواية أخرى تقول أنه كان يمسح عليها ويستغفر الله عز وجل، فكان يمسحها ليرى السقيم منها من الصحيح لأنه كان يعدّها للجهاد في سبيل الله.

ابتلاء سليمان:
ورغم كل هذه النعم العظيمة والمنح الخاصة، فقد فتن الله تعالى سليمان.. اختبره وامتحنه، والفتنة امتحان دائم، وكلما كان العبد عظيما كان امتحانه عظيما.
اختلف المفسرون في فتنة سليمان عليه السلام. ولعل أشهر رواية عن هذه الفتنة هي نفسها أكذب رواية.. قيل إن سليمان عزم على الطواف على نسائه السبعمائة في ليلة واحدة، وممارسة الحب معهن حتى تلد كل امرأة منهن ولدا يجاهد في سبيل الله، ولم يقل سليمان إن شاء الله، فطاف على نسائه فلم تلد منهن غير امرأة واحدة.. ولدت طفلا مشوها ألقوه على كرسيه.. والقصة مختلقة من بدايتها لنهايتها، وهي من الإسرائيليات الخرافية.
وحقيقة هذه الفتنة ما ذكره الفخر الرازي. قال: إن سليمان ابتلي بمرض شديد حار فيه الطب. مرض سليمان مرضا شديدا حار فيه أطباء الإنس والجن.. وأحضرت له الطيور أعشابا طبية من أطراف الأرض فلم يشف، وكل يوم كان المرض يزيد عليه حتى أصبح سليمان إذا جلس على كرسيه كأنه جسد بلا روح.. كأنه ميت من كثرة الإعياء والمرض.. واستمر هذا المرض فترة كان سليمان فيها لا يتوقف عن ذكر الله وطلب الشفاء منه واستغفاره وحبه.. وانتهى امتحان الله تعالى لعبده سليمان، وشفي سليمان.. عادت إليه صحته بعد أن عرف أن كل مجده وكل ملكه وكل عظمته لا تستطيع أن تحمل إليه الشفاء إلا إذا أراد الله سبحانه.. هذا هو الرأي الذي نرتاح إليه، ونراه لائقا بعصمة نبي حكيم وكريم كسليمان..
ويذكر لنا القرآن الكريم مواقف عدة، تتجلى لنا فيها حكمة سليمان –عليه السلام- ومقدرته الفائقة على استنتاج الحكم الصحيح في القضايا المعروضه عليه. ومن هذه القصص ما حدث في زمن داود –عليه السلام- قال تعالى:
وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا
جلس داود كعادته يوما يحكم بين الناس في مشكلاتهم.. وجاءه رجل صاحب حقل ومعه رجل آخر..
وقال له صاحب الحقل: سيدي النبي.. إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناء الليل، وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه.. وقد جئت إليك لتحكم لي بالتعويض..
قال داود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل؟
قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي..
قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته.
قال سليمان.. وكان الله قد علمه حكمة تضاف إلى ما ورث من والده: عندي حكم آخر يا أبي..
قال داود: قله يا سليمان..
قال سليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي أكلته الغنم.. ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب، وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنم ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه، فإذا كبرت عناقيد الغنم وعاد الحقل سليما كما كان أخذ صاحب الحقل حقله وأعطى صاحب الغنم غنمه..
قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان.. الحمد لله الذي وهبك الحكمة.
ومنها ما جاء في الحديث الصحيح: حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِى شَبَابَةُ حَدَّثَنِى وَرْقَاءُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا . فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ . وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّما ذَهَبَ بِابْنِكِ . فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا . فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا . فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى ». قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ مَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةَ.
__________________





سليمان والنملة:
ويذكر لنا القرآن الكريم قصة عجيبة:
وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَـتَّى إِذا أتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) (النمل)
يقول العلماء "ما أعقلها من نملة وما أفصحها". (يَا) نادت، (أَيُّهَا) نبّهت، (ادْخُلُوا) أمرت، (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ) نهت، (سُلَيْمَانُ) خصّت، (وَجُنُودُهُ) عمّت، (وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) اعتذرت. سمع سليمان كلام النملة فتبسم ضاحكا من قولها.. ما الذي تتصوره هذه النملة! رغم كل عظمته وجيشه فإنه رحيم بالنمل.. يسمع همسه وينظر دائما أمامه ولا يمكن أبدا أن يدوسه.. وكان سليمان يشكر الله أن منحه هذه النعمة.. نعمة الرحمة ونعمة الحنو والشفقة والرفق.



سليمان عليه السلام وبلقيس ملكة سبأ:
جاء يوم.. وأصدر سليمان أمره لجيشه أن يستعد.. بعدها، خرج سليمان يتفقد الجيش، ويستعرضه ويفتش عليه.. فاكتشف غياب الهدهد وتخلفه عن الوقوف مع الجيش، فغضب وقرر تعذيبه أو قتله، إلا إن كان لديه عذر قوي منعه من القدوم.
فجاء الهدهد ووقف على مسافة غير بعيدة عن سليمان –عليه السلام- (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) وانظروا كيف يخاطب هذا الهدهد أعظم ملك في الأرض، بلا إحساس بالذل أو المهانة، ليس كما يفعل ملوك اليوم لا يتكلم معهم أحد إلا ويجب أن تكون علامات الذل ظاهرة عليه. فقال الهدهد أن أعلم منك بقضية معينة، فجئت بأخبار أكيدة من مدينة سبأ باليمن. (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً) بلقيس (تَمْلِكُهُمْ) تحكمهم (وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ) أعطاها الله قوة وملكا عظيمين وسخّر لها أشياء كثيرة (وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ) وكرسي الحكم ضخم جدا ومرصّع بالجواهر (وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ) وهم يعبدون الشمس (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ) أضلهم الشيطان (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) يسجدون للشمس ويتركون الله سبحانه وتعالى (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) وذكر العرش هنا لأنه ذكر عرش بلقيس من قبل، فحتى لا يغترّ إنسان بعرشها ذكر عرش الله سبحانه وتعالى.
فتعجب سليمان من كلام الهدهد، فلم يكن شائعا أن تحكم المرأة البلاد، وتعجب من أن قوما لديهم كل شيء ويسجدون للشمس، وتعجب من عرشها العظيم، فلم يصدق الهدهد ولم يكذبه إنما (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) وهذا منتهى العدل والحكمة. ثم كتب كتابا وأعطاه للهدهد وقال له: (اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) ألق الكتاب عليهم وقف في مكان بعيد يحث تستطيع سماع ردهم على الكتاب.
يختصر السياق القرآني في سورة النمل ما كان من أمر ذهاب الهدهد وتسليمه الرسالة، وينتقل مباشرة إلى الملكة، وسط مجلس المستشارين، وهي تقرأ على رؤساء قومها ووزرائها رسالة سليمان..
قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) (النمل)
هذا هو نص خطاب الملك سليمان لملكة سبأ..
إنه يأمر في خطابه أن يأتوه مسلمين.. هكذا مباشرة.. إنه يتجاوز أمر عبادتهم للشمس.. ولا يناقشهم في فساد عقيدتهم.. ولا يحاول إقناعهم بشيء.. إنما يأمر فحسب.. أليس مؤيدا بقوة تسند الحق الذي يؤمن به..؟ لا عليه إذن أن يأمرهم بالتسليم..
كان هذا كله واضحا من لهجة الخطاب القصيرة المتعالية المهذبة في نفس الوقت..
طرحت الملكة على رؤساء قومها الرسالة.. وكانت عاقلة تشاورهم في جميع الأمور: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ).
كان رد فعل الملأ وهم رؤساء قومها التحدي.. أثارت الرسالة بلهجتها المتعالية المهذبة غرور القوم، وإحساسهم بالقوة. أدركوا أن هناك من يتحداهم ويلوح لهم بالحرب والهزيمة ويطالبهم بقبول شروطه قبل وقوع الحرب والهزيمة (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ).
أراد رؤساء قومها أن يقولوا: نحن على استعداد للحرب.. ويبدو أن الملكة كانت أكثر حكمة من رؤساء قومها.. فإن رسالة سليمان أثارت تفكيرها أكثر مما استنفرتها للحرب..
فكرت الملكة طويلا في رسالة سليمان.. كان اسمه مجهولا لديها، لم تسمع به من قبل، وبالتالي كانت تجهل كل شيء عن قوته، ربما يكون قويا إلى الحد الذي يستطيع فيه غزو مملكتها وهزيمتها.
ونظرت الملكة حولها فرأت تقدم شعبها وثراءه، وخشيت على هذا الثراء والتقدم من الغزو.. ورجحت الحكمة في نفسها على التهور، وقررت أن تلجأ إلى اللين، وترسل إليه بهدية.. وقدرت في نفسها أنه ربما يكون طامعا قد سمع عن ثراء المملكة، فحدثت نفسها بأن تهادنه وتشتري السلام منه بهدية.. قدرت في نفسها أيضا إن إرسالها بهدية إليه، سيمكن رسلها الذين يحملون الهدية من دخول مملكته، وإذا سيكون رسلها عيونا في مملكته.. يرجعون بأخبار قومه وجيشه، وفي ضوء هذه المعلومات، سيكون تقدير موقفها الحقيقي منه ممكنا..
أخفت الملكة ما يدور في نفسها، وحدثت رؤساء قومها بأنها ترى استكشاف نيات الملك سليمان، عن طريق إرسال هدية إليه، انتصرت الملكة للرأي الذي يقضي بالانتظار والترقب.. وأقنعت رؤساء قومها بنبذ فكرة الحرب مؤقتا، لأن الملوك إذا دخلوا قرية انقلبت أوضاعها وصار رؤساءها هم أكثر من فيها تعرضا للهوان والذل..
واقتنع رؤساء قومها حين لوحت الملكة بما يتهددهم من أخطار..
وصلت هدية الملكة بلقيس إلى الملك النبي سليمان..
جاءت الأخبار لسليمان بوصول رسل بلقيس وهم يحملون الهدية.. وأدرك سليمان على الفور أن الملكة أرسلت رجالها ليعرفوا معلومات عن قوته لتقرر موقفها بشأنه.. ونادى سليمان في المملكة كلها أن يحتشد الجيش.. ودخل رسل بلقيس وسط غابة كثيفة مدججة بالسلاح.. فوجئ رسل بلقيس بأن كل غناهم وثرائهم يبدو وسط بهاء مملكة سليمان.. وصغرت هديتهم في أعينهم.
وفوجئوا بأن في الجيش أسودا ونمورا وطيورا.. وأدركوا أنهم أمام جيش لا يقاوم..
ثم قدموا لسليمان هدية الملكة بلقيس على استحياء شديد. وقالوا له نحن نرفض الخضوع لك، لكننا لا نريد القتال، وهذه الهدية علامة صلح بيننا ونتمنى أن تقبلها. نظر سليمان إلى هدية الملكة وأشاح ببصره (فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) كشف الملك سليمان بكلماته القصيرة عن رفضه لهديتهم، وأفهمهم أنه لا يقبل شراء رضاه بالمال. يستطيعون شراء رضاه بشيء آخر (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) ثم هددهم (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ).
وصل رسل بلقيس إلى سبأ.. وهناك هرعوا إلى الملكة وحدثوها أن بلادهم في خطر.. حدثوها عن قوة سليمان واستحالة صد جيشه.. أفهموها أنها ينبغي أن تزوره وتترضاه.. وجهزت الملكة نفسها وبدأت رحلتها نحو مملكة سليمان..
جلس سليمان في مجلس الملك وسط رؤساء قومه ووزرائه وقادة جنده وعلمائه.. كان يفكر في بلقيس.. يعرف أنها في الطريق إليه.. تسوقها الرهبة لا الرغبة.. ويدفعها الخوف لا الاقتناع.. ويقرر سليمان بينه وبين نفسه أن يبهرها بقوته، فيدفعها ذلك للدخول في الإسلام. فسأل من حوله، إن كان بإمكان احدهم ان يحضر له عرش بلقيس قبل أن تصل الملكة لسليمان.
فعرش الملكة بلقيس هو أعجب ما في مملكتها.. كان مصنوعا من الذهب والجواهر الكريمة، وكانت حجرة العرش وكرسي العرش آيتين في الصناعة والسبك.. وكانت الحراسة لا تغفل عن العرش لحظة..
فقال أحد الجن أنا أستطيع إحضار العرش قبل أن ينتهي المجلس –وكان عليه السلام يجلس من الفجر إلى الظهر- وأنا قادر على حمله وأمين على جواهره.
لكن شخص آخر يطلق عليه القرآن الكريم "الذي عنده علم الكتاب" قال لسليمان أنا أستطيع إحضار العرش في الوقت الذي تستغرقه العين في الرمشة الواحدة.
واختلف العلماء في "الذي عنده علم الكتاب" فمنهم من قال أنه وزيره أو أحد علماء بني إسرائيل وكان يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب. ومنهم من قال أنه جبريل عليه السلام.
لكن السياق القرآني ترك الاسم وحقيقة الكتاب غارقين في غموض كثيف مقصود.. نحن أمام سر معجزة كبرى وقعت من واحد كان يجلس في مجلس سليمان.. والأصل أن الله يظهر معجزاته فحسب، أما سر وقوع هذه المعجزات فلا يديره إلا الله.. وهكذا يورد السياق القرآني القصة لإيضاح قدرة سليمان الخارقة، وهي قدرة يؤكدها وجود هذا العالم في مجلسه.
هذا هو العرش ماثل أمام سليمان.. تأمل تصرف سليمان بعد هذه المعجزة.. لم يستخفه الفرح بقدرته، ولم يزهه الشعور بقوته، وإنما أرجع الفضل لمالك الملك.. وشكر الله الذي يمتحنه بهذه القدرة، ليرى أيشكر أم يكفر.
تأمل سليمان عرش الملكة طويلا ثم أمر بتغييره، أمر بإجراء بعض التعديلات عليه، ليمتحن بلقيس حين تأتي، ويرى هل تهتدي إلى عرشها أم تكون من الذين لا يهتدون.
كما أمر سليمان ببناء قصر يستقبل فيه بلقيس. واختار مكانا رائعا على البحر وأمر ببناء القصر بحيث يقع معظمه على مياه البحر، وأمر أن تصنع أرضية القصر من زجاج شديد الصلابة، وعظيم الشفافية في نفس الوقت، لكي يسير السائر في أرض القصر ويتأمل تحته الأسماك الملونة وهي تسبح، ويرى أعشاب البحر وهي تتحرك.
تم بناء القصر، ومن فرط نقاء الزجاج الذي صنعت منه أرض حجراته، لم يكن يبدو أن هناك زجاجا. تلاشت أرضية القصر في البحر وصارت ستارا زجاجيا خفيا فوقه.
يتجاوز السياق القرآني استقبال سليمان لها إلى موقفين وقعا لها بتدبيره: الأول موقفها أمام عرشها الذي سبقها بالمجيء، وقد تركته وراءها وعليه الحراس. والثاني موقفها أمام أرضية القصر البلورية الشفافة التي تسبح تحتها الأسماك.
لما اصطحب سليمان عليه السلام بلقيس إلى العرش، نظرت إليه فرأته كعرشها تماما.. وليس كعرشها تماما.. إذا كان عرشها فكيف سبقها في المجيء..؟ وإذا لم يكن عرشها فكيف أمكن تقليده بهذه الدقة ..؟
قال سليمان وهو يراها تتأمل العرش: (أَهَكَذَا عَرْشُكِ؟)
قالت بلقيس بعد حيرة قصيرة: (كَأَنَّهُ هُوَ!)
قال سليمان: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ).
توحي عبارته الأخيرة إلى الملكة بلقيس أن تقارن بين عقيدتها وعلمها، وعقيدة سليمان المسلمة وحكمته. إن عبادتها للشمس، ومبلغ العلم الذي هم عليه، يصابان بالخسوف الكلي أمام علم سليمان وإسلامه.
لقد سبقها سليمان إلى العلم بالإسلام، بعدها سار من السهل عليه أن يسبقها في العلوم الأخرى، هذا ما توحي به كلمة سليمان لبلقيس..
أدركت بلقيس أن هذا هو عرشها، لقد سبقها إلى المجيء، وأنكرت فيه أجزاء وهي لم تزل تقطع الطريق لسليمان.. أي قدرة يملكها هذا النبي الملك سليمان؟!
انبهرت بلقيس بما شاهدته من إيمان سليمان وصلاته لله، مثلما انبهرت بما رأته من تقدمه في الصناعات والفنون والعلوم.. وأدهشها أكثر هذا الاتصال العميق بين إسلام سليمان وعلمه وحكمته.
انتهى الأمر واهتزت داخل عقلها آلاف الأشياء.. رأت عقيدة قومها تتهاوى هنا أمام سليمان، وأدركت أن الشمس التي يعبدها قومها ليست غير مخلوق خلقه الله تعالى وسخره لعباده، وانكسفت الشمس للمرة الأولى في قلبها، أضاء القلب نور جديد لا يغرب مثلما تغرب الشمس.
ثم قيل لبلقيس ادخلي القصر.. فلما نظرت لم تر الزجاج، ورأت المياه، وحسبت أنها ستخوض البحر، (وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا) حتى لا يبتل رداؤها.
نبهها سليمان -دون أن ينظر- ألا تخاف على ثيابها من البلل. ليست هناك مياه. (إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ).. إنه زجاج ناعم لا يظهر من فرط نعومته..
اختارت بلقيس هذه اللحظة لإعلان إسلامها.. اعترفت بظلمها لنفسها وأسلمت (مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). وتبعها قومها على الإسلام.
أدركت أنها تواجه أعظم ملوك الأرض، وأحد أنبياء الله الكرام.
يسكت السياق القرآني عن قصة بلقيس بعد إسلامها.. ويقول المفسرون أنها تزوجت سليمان بعد ذلك.. ويقال أنها تزوجت أحد رجاله.. أحبته وتزوجته، وثبت أن بعض ملوك الحبشة من نسل هذا الزواج.. ونحن لا ندري حقيقة هذا كله.. لقد سكت القرآن الكريم عن ذكر هذه التفاصيل التي لا تخدم قصه سليمان.. ولا نرى نحن داعيا للخوض فيما لا يعرف أحد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/saadanter
سعد عنتر سعد
مراقب
مراقب
سعد عنتر سعد


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 2517
نقاط : 6975
العمر : 33

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء   الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء Emptyالأربعاء 17 فبراير 2010 - 18:14




هيكل سليمان:

من الأعمال التي قام بها سليمان –عليه السلام- إعادة بناء المسجد الأقصى الذي بناه يعقوب من قبل. وبنى بجانب المسجد الأقصى هيكلا عظيما كان مقدسا عند اليهود –ولا زالوا يبحثون عنه إلى اليوم. وقد ورد في الهدي النبوي الكريم أن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل ربه عز وجل ثلاثا، فأعطاه الله اثنتين ونحن نرجو أن تكون لنا الثالثة: سأله حكما يصادف حكمه –أي أحكاما عادلة كأحكام الله تعالى- فأعطاه إياه، وسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه، وأسأل الله أن تكون لنا.
وقد تفننت التوراة في وصف الهيكل.. وهذا بعض ما ورد في التوراة عنه:
كان هيكل سليمان في أورشليم هو مركز العبادة اليهودية، ورمز تاريخ اليهود، وموضع فخارهم وزهوهم.. وقد شيده الملك سليمان وأنفق ببذخ عظيم على بنائه وزخرفته.. حتى لقد احتاج في ذلك إلى أكثر من 180 ألف عامل (سفر الملوك الأول).. وقد أتى له سليمان بالذهب من ترشيش، وبالخشب من لبنان، وبالأحجار الكريمة من اليمن، ثم بعد سبع سنوات من العمل المتواصل تكامل بناء الهيكل، فكان آية من آيات الدنيا في ذلك الزمان.
وامتدت يد الخراب إلى الهيكل مرات عديدة، إذ كان هدفا دائما للغزاة والطامعين ينهبون ما به من كنوز، ثم يشيعون فيه الدمار، (سفر الملوك الثاني).. ثم قام أحد الملوك بتجديد بنائه تحببا في اليهود.. فاستغرق بناء الهيكل هذه المرة 46 سنة، أصبح بعدها صرحا ضخما تحيط به ثلاثة أسوار هائلة.. وكان مكونا من ساحتين كبيرتين: إحداهما خارجية والأخرى داخلية، وكانت تحيط بالساحة الداخلية أروقة شامخة تقوم على أعمدة مزدوجة من الرخام، وتغطيها سقوف من خشب الأرز الثمين. وكانت الأروقة القائمة في الجهة الجنوبية من الهيكل ترتكز على 162 عمودا، كل منها من الضخامة بحيث لا يمكن لأقل من ثلاثة رجال متشابكي الأذرع أن يحيطوا بدائرته.. وكان للساحة الخارجية من الهيكل تسع بوابات ضخمة مغطاة بالذهب.. وبوابة عاشرة مصبوبة كلها على الرغم من حجمها الهائل من نحاس كونثوس. وقد تدلت فوق تلك البوابات كلها زخارف على شكل عناقيد العنب الكبيرة المصنوعة من الذهب الخالص، وقد استمرت هدايا الملوك للهيكل حتى آخر زمانه (سفر الملوك الأول)، فكان يزخر بالكنوز التي لا تقدر بثمن..
وفاته عليه السلام:
عاش سليمان وسط مجد دانت له فيه الأرض.. ثم قدر الله تعالى عليه الموت فمات.. ومثلما كانت حياة سليمان قمة في المجد الذي يمتلئ بالعجائب والخوارق.. كان موته آية من آيات الله تمتلئ بالعجائب والخوارق.. وهكذا جاء موته منسجما مع حياته، متسقا مع مجده، جاء نهاية فريدة لحياة فريدة وحافلة.
لقد قدر الله تعالى أن يكون موت سليمان عليه الصلاة والسلام بشكل ينسف فكرة معرفة الجن للغيب.. تلك الفكرة التي فتن الناس بها فاستقرت في أذهان بعض البشر والجن..
كان الجن يعملون لسليمان طالما هو حي.. فلما مات انكسر تسخيرهم له، وأعفوا من تبعة العمل معه..
وقد مات سليمان دون أن يعلم الجن، فظلوا يعملون له، وظلوا مسخرين لخدمته، ولو أنهم كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.
كان سليمان متكئا على عصاه يراقب الجن وهم يعملون. فمات وهو على وضعه متكئا على العصا.. ورآه الجن فظنوا أنه يصلي واستمروا في عملهم. ومرت أيام طويلة.. ثم جاءت دابة الأرض، وهي نملة تأكل الخشب.. وبدأت تأكل عصا سليمان.. كانت جائعة فأكلت جزء من العصا.. استمرت النملة تأكل العصا أياما.. كانت تأكل الجزء الملامس للأرض، فلما ازداد ما أكلته منها اختلت العصا وسقطت من يد سليمان.. اختل بعدها توازن الجسد العظيم فهوى إلى الأرض.. ارتطم الجسد العظيم بالأرض فهرع الناس إليه..
أدركوا أنه مات من زمن.. تبين الجن أنهم لا يعلمون الغيب.. وعرف الناس هذه الحقيقة أيضا.. لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، ما لبثوا يعملون وهم يظنون أن سليمان حي، بينما هو ميت منذ فترة..
بهذه النهاية العجيبة ختم الله حياة هذا النبي الملك.

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء V22

إلياس عليه السلام

نبذة:
أرسل إلى أهل بعلبك غربي دمشق فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتركوا عبادة صنم كانوا يسمونه بعلا فآذوه، وقال ابن عباس هو عم اليسع.





سيرته:
قال تعالى:

وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (131) (الصافات)

هذه الآيات القصار هي كل ما يذكره الله تعالى من قصة إلياس.. لذلك اختلف المؤرخون في نسبه وفي القوم الذين أرسل إليهم.. فقال الطبري أنه إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون.. أما ابن كثير فيقول أن إلياس والياسين اسمين لرجل واحد فالعرب تلحق النون في أسماء كثيرة وتبدلها من غيرها.

الروايات المختلفة حول دعوته:

جاء في تاريخ الطبري عن ابن اسحق ما ملخصه:

إن الياس عليه السلام لما دعا بني إسرائيل الى نبذ عبادة الأصنام، والاستمساك بعبادة الله وحده رفضوه ولم يستجيبوا له، فدعا ربه فقال: اللهم إن بني إسرائيل قد أبو إلا الكفر بك والعبادة لغيرك، فغير ما بهم من نعمتك فأوحي الله إليه إنا جعلنا أمر أرزاقهم بيدك فأنت الذي تأمر في ذلك، فقال إلياس: اللهم فأمسك عليهم المطر فحبس عنهم ثلاث سنين، حتى هلكت الماشية والشجر، وجهد الناس جهداً شديداً، وما دعا عليهم استخفي عن أعينهم وكان يأتيه رزقه حيث كان فكان بنو إسرائيل كلما وجدوا ربح الخبز في دار قالوا هنا إلياس فيطلبونه، وينال أهل المنزل منهم شر وقد أوي ذات مرة إلى بيت امرأة من بنى إسرائيل لها ابن يقال له اليسع بن خطوب به ضر فآوته واخفت أمره. فدعا ربه لابنها فعافاه من الضر الذي كان به واتبع إلياس وآمن به وصدقه ولزمة فكان يذهب معه حيثما ذهب وكان إلياس قد أسن وكبر، وكان اليسع غلاماً شاباً ثم إن إلياس قال لبني إسرائيل إذا تركتم عبادة الأصنام دعوات الله أن يفرج عنكم فأخرجوا أصنامهم ومحدثاتهم فدعا الله لهم ففرج عنهم وأغاثهم، فحييت بلادهم ولكنهم لم يرجعوا عما كانوا عليه ولم يستقيموا فلما رأي إلياس منهم دعا ربه أن يقبضه إليه فقبضة ورفعه.

ويذكر ابن كثير أن رسالته كانت لأهل بعلبك غربي دمشق وأنه كان لهم صنم يعبدونه يسمي (بعلا) وقد ذكره القرآن الكريم على لسان إلياس حين قال لقومه ( أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) وَاللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ).

ويذكر بعض المؤرخين أنه عقب انتهاء ملك سليمان بن داود عليه السلام وذلك في سنة 933 قبل الميلاد انقسمت مملكة بن إسرائيل إلى قسمين، الأول ، يخضع لملك سلالة سليمان وأول ملوكهم رحبعام بن سليمان والثاني يخضع لاحد أسباط افرايم بن يوسف الصديق واسم ملكهم جر بعام. وقد تشتت دولة بنى إسرائيل بعد سليمان عليه السلام بسبب اختلاف ملوكهم وعظمائهم على السلطة، وبسبب الكفر والضلال الذي انتشر بين صفوفهم وقد سمح أحد ملوكهم وهو أخاب لزوجته بنشر عبادة قومها في بني إسرائيل، وكان قومها عباداً للأوثان فشاعت العبادة الوثنية، وعبدوا الصنم الذي ذكره القرآن الكريم واسمه (بعل) فأرسل إليهم إلياس عليه السلام الذي تحدثنا عن دعوته فما توفي إلياس عليه السلام أوحي الله تعالى إلى أحد الأنبياء واسمه اليسع عليه السلام ليقوم في نبي إسرائيل، فيدعوهم إلى عبادة الله الواحد القهار.

وأرجح الآراء إن إلياس هو النبي المسمى إيليا في التوراة.

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء V22

اليسع عليه السلام

نبذة:
من العبدة الأخيار ورد ذكره في التوراة كما ذكر في القرآن مرتين ، ويذكر أنه أقام من الموت إنسانا كمعجزة.


سيرته:

من أنبياء الله تعالى، الذين يذكر الحق أسمائهم ويثني عليهم، ولا يحكي قصصهم.. نبي الله تعالى اليسع.

قال تعالى في سورة (ص): وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الْأَخْيَارِ

وقال جل جلاله في سورة (الأنعام) : وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ

جاء في تاريخ الطبري حول ذكر نسبة أنه اليسع بن أخطوب ويقال أنه ابن عم إلياس النبي عليهما السلام ، وذكر الحافظ ابن عساكر نسبة على الوجه الآتي: اسمه أسباط بن عدي بن شوتلم بن أفرائيم بن يوسف الصديق عليه السلام وهو من أنبياء بني إسرائيل، وقد أوجز القرآن الكريم عن حياته فلم يذكر عنها شيئاً وإنما اكتفى بعده في مجموعة الرسل الكرام الذي يجب الإيمان بهم تفصيلاً.

قام بتبليغ الدعوة بعد انتقال إلياس إلى جوار الله فقام يدعو إلى الله مستمسكاً بمنهاج نبي الله إلياس وشريعته وقد كثرت في زمانه الأحداث والخطايا وكثر الملوك الجبابرة فقتلوا الأنبياء وشردوا المؤمنين فوعظهم اليسع وخوفهم من عذاب الله ولكنهم لم يأبهوا بدعوته ثم توفاه الله وسلط على بني إسرائيل من يسومهم سوء العذاب كما قص علينا القرآن الكريم. ويذكر بعض المؤرخين أن دعوته في مدينة تسعى بانياس إحدى مدن الشام، ولا تزال حتى الآن موجودة وهي قريبة من بلدة اللاذقية والله أعلم.

وأرجح الأقوال أن اليسع هو اليشع الذي تتحدث عنه التوراة.. ويذكر القديس برنابا أنه أقام من الموت إنسانا كمعجزة.

اليسع وذو الكفل:
ويروي بعض العلماء قصة حدثت في زمن اليسع عليه السلام.

فيروى أنه لما كبر اليسع قال لو أني استخلفت رجلاً على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل؟ فجمع الناس فقال: من يتقبل لي بثلاث استخلفه: يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يغضب. فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا، فقال: أنت تصوم النهار، وتقوم الليل، ولا تغضب؟ قال: نعم. لكن اليسع -عليه السلام- ردّ الناس ذلك اليوم دون أن يستخلف أحدا. وفي اليوم التالي خرج اليسع -عليه السلام- على قومه وقال مثل ما قال اليوم الأول، فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال أنا. فاستخلف اليسع ذلك الرجل.

فجعل إبليس يقول للشياطين: عليكم بفلان، فأعياهم ذلك. فقال دعوني وإياه فأتاه في صورة شيخ كبير فقير، وأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام الليل والنهار، إلا تلك النّومة فدقّ الباب. فقال ذو الكفل: من هذا؟ قال: شيخ كبير مظلوم. فقام ذو الكفل ففتح الباب. فبدأ الشيخ يحدّثه عن خصومة بينه وبين قومه، وما فعلوه به، وكيف ظلموه، وأخذ يطوّل في الحديث حتى حضر موعد مجلس ذو الكفل بين الناس، وذهبت القائلة. فقال ذو الكفل: إذا رحت للمجلس فإنني آخذ لك بحقّك.

فخرج الشيخ وخرج ذو الكفل لمجلسه دون أن ينام. لكن الشيخ لم يحضر للمجلس. وانفض المجلس دون أن يحضر الشيخ. وعقد المجلس في اليوم التالي، لكن الشيخ لم يحضر أيضا. ولما رجع ذو الكفل لمنزله عند القائلة ليضطجع أتاه الشيخ فدق الباب، فقال: من هذا؟ فقال الشيخ الكبير المظلوم. ففتح له فقال: ألم أقل لك إذا قعدت فاتني؟ فقال الشيخ: إنهم اخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد قالوا لي نحن نعطيك حقك، وإذا قمت جحدوني. فقال ذو الكفل: انطلق الآن فإذا رحت مجلسي فأتني.

ففاتته القائلة، فراح مجلسه وانتظر الشيخ فلا يراه وشق عليه النعاس، فقال لبعض أهله: لا تدعنَّ أحداً يقرب هذا الباب حتى أنام، فإني قد شق عليّ النوم. فقدم الشيخ، فمنعوه من الدخول، فقال: قد أتيته أمس، فذكرت لذي الكفل أمري، فقالوا: لا والله لقد أمرنا أن لا ندع أحداً يقربه. فقام الشيخ وتسوّر الحائط ودخل البيت ودق الباب من الداخل، فاستيقظ ذو الكفل، وقال لأهله: ألم آمركم ألا يدخل علي أحد؟ فقالوا: لم ندع أحدا يقترب، فانظر من أين دخل. فقام ذو الكفل إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه؟ وإذا الرجل معه في البيت، فعرفه فقال: أَعَدُوَّ اللهِ؟ قال: نعم أعييتني في كل شيء ففعلت كل ما ترى لأغضبك.

فسماه الله ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به!

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء V22

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/saadanter
سعد عنتر سعد
مراقب
مراقب
سعد عنتر سعد


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 2517
نقاط : 6975
العمر : 33

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء   الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء Emptyالأربعاء 17 فبراير 2010 - 18:19




عزير عليه السلام

نبذة:
من أنبياء بني إسرائيل، أماته الله مئة عام ثم بعثه، جدد الدين لبني إسرائيل وعلمهم التوراة بعد أن نسوها.


سيرته:
مرت الأيام على بني إسرائيل في فلسطين، وانحرفوا كثير عن منهج الله عز وجل. فأراد الله أن يجدد دينهم، بعد أن فقدوا التوراة ونسوا كثيرا من آياتها، فبعث الله تعالى إليهم عزيرا.

أمر الله سبحانه وتعالى عزيرا أن يذهب إلى قرية. فذهب إليها فوجدها خرابا، ليس فيها بشر. فوقف متعجبا، كيف يرسله الله إلى قرية خاوية ليس فيها بشر. وقف مستغربا، ينتظر أن يحييها الله وهو واقف! لأنه مبعوث إليها. فأماته الله مئة عام. قبض الله روحه وهو نائم، ثم بعثه. فاستيقظ عزير من نومه.

فأرسل الله له ملكا في صورة بشر: (قَالَ كَمْ لَبِثْتَ).

فأجاب عزير: (قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ). نمت يوما أو عدة أيام على أكثر تقدير.

فرد الملك: (قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ). ويعقب الملك مشيرا إلى إعجاز الله عز وجل (فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ) أمره بأن ينظر لطعامه الذي ظل بجانبه مئة سنة، فرآه سليما كما تركه، لم ينتن ولم يتغير طعمه او ريحه. ثم أشار له إلى حماره، فرآه قد مات وتحول إلى جلد وعظم. ثم بين له الملك السر في ذلك (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ). ويختتم كلامه بأمر عجيب (وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا) نظر عزير للحمار فرأى عظامه تتحرك فتتجمع فتتشكل بشكل الحمار، ثم بدأ اللحم يكسوها، ثم الجلد ثم الشعر، فاكتمل الحمار أمام عينيه.

يخبرنا المولى بما قاله عزير في هذا الموقف: (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

سبحان الله أي إعجاز هذا.. ثم خرج إلى القرية، فرآها قد عمرت وامتلأت بالناس. فسألهم: هل تعرفون عزيرا؟ قالوا: نعم نعرفه، وقد مات منذ مئة سنة. فقال لهم: أنا عزير. فأنكروا عليه ذلك. ثم جاءوا بعجوز معمّرة، وسألوها عن أوصافه، فوصفته لهم، فتأكدوا أنه عزير.

فأخذ يعلمهم التوراة ويجددها لهم، فبدأ الناس يقبلون عليه وعلى هذا الدين من جديد، وأحبوه حبا شديدا وقدّسوه للإعجاز الذي ظهر فيه، حتى وصل تقديسهم له أن قالوا عنه أنه ابن الله (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ).

واستمر انحراف اليهود بتقديس عزير واعتباره ابنا لله تعالى –ولا زالوا يعتقدون بهذا إلى اليوم- وهذا من شركهم لعنهم الله.

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء V25

زكريا عليه السلام

نبذة:

عبد صالح تقي أخذ يدعو للدين الحنيف، كفل مريم العذراء، دعا الله أن يرزقه ذرية صالحة فوهب له يحيى الذي خلفه في الدعوة لعبادة الله الواحد القهار.

سيرته:

امرأة عمران:
في ذلك العصر القديم.. كان هناك نبي.. وعالم عظيم يصلي بالناس.. كان اسم النبي زكريا عليه السلام.. أما العالم العظيم الذي اختاره الله للصلاة بالناس، فكان اسمه عمران عليه السلام.

وكان لعمران زوجته لا تلد.. وذات يوم رأت طائرا يطعم ابنه الطفل في فمه ويسقيه.. ويأخذه تحت جناحه خوفا عليه من البرد.. وذكرها هذا المشهد بنفسها فتمنت على الله أن تلد.. ورفعت يديها وراحت تدعو خالقها أن يرزقها بطفل..

واستجابت لها رحمة الله فأحست ذات يوم أنها حامل.. وملأها الفرح والشكر لله فنذرت ما في بطنها محررا لله.. كان معنى هذا أنها نذرت لله أن يكون ابنها خادما للمسجد طوال حياته.. يتفرغ لعبادة الله وخدمة بيته.

ولادة مريم:
وجاء يوم الوضع ووضعت زوجة عمران بنتا، وفوجئت الأم! كانت تريد ولدا ليكون في خدمة المسجد والعبادة، فلما جاء المولود أنثى قررت الأم أن تفي بنذرها لله برغم أن الذكر ليس كالأنثى.

سمع الله سبحانه وتعالى دعاء زوجة عمران، والله يسمع ما نقوله، وما نهمس به لأنفسنا، وما نتمنى أن نقوله ولا نفعله.. يسمع الله هذا كله ويعرفه.. سمع الله زوجة عمران وهي تخبره أنها قد وضعت بنتا، والله أعلم بما وضعت، الله.. هو وحده الذي يختار نوع المولود فيخلقه ذكرا أو يخلقه أنثى.. سمع الله زوجة عمران تسأله أن يحفظ هذه الفتاة التي سمتها مريم، وأن يحفظ ذريتها من الشيطان الرجيم.

ويروي الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخاً مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلاَّ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ». ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).

كفالة زكريا لمريم:
أثار ميلاد مريم بنت عمران مشكلة صغيرة في بداية الأمر.. كان عمران قد مات قبل ولادة مريم.. وأراد علماء ذلك الزمان وشيوخه أن يربوا مريم.. كل واحد يتسابق لنيل هذا الشرف.. أن يربي ابنة شيخهم الجليل العالم وصاحب صلاتهم وإمامهم فيها.

قال زكريا: أكفلها أنا.. هي قريبتي.. زوجتي هي خالتها.. وأنا نبي هذه الأمة وأولاكم بها.

وقال العلماء والشيوخ: ولماذا لا يكفلها أحدنا..؟ لا نستطيع أن نتركك تحصل على هذا الفضل بغير اشتراكنا فيه.

ثم اتفقوا على إجراء قرعة. أي واحد يكسب القرعة هو الذي يكفل مريم، ويربيها، ويكون له شرف خدمتها، حتى تكبر هي وهي تخدم المسجد وتتفرغ لعبادة الله، وأجريت القرعة.. وضعت مريم وهي مولودة على الأرض، ووضعت إلى جوارها أقلام الذين يرغبون في كفالتها، وأحضروا طفلا صغيرا، فأخرج قلم زكريا..

قال زكريا: حكم الله لي بأن أكفلها.

قال العلماء والشيوخ: لا.. القرعة ثلاث مرات.

وراحوا يفكرون في القرعة الثانية.. حفر كل واحد اسمه على قلم خشبي، وقالوا: نلقي بأقلامنا في النهر.. من سار قلمه ضد التيار وحده فهو الغالب.

وألقوا أقلامهم في النهر، فسارت أقلامهم جميعا مع التيار ما عدا قلم زكريا.. سار وحده ضد التيار.. وظن زكريا أنهم سيقتنعون، لكنهم أصروا على أن تكون القرعة ثلاث مرات. قالوا: نلقي أقلامنا في النهر.. القلم الذي يسير مع التيار وحده يأخذ مريم. وألقوا أقلامهم فسارت جميعا ضد التيار ما عدا قلم زكريا. وسلموا لزكريا، وأعطوه مريم ليكفلها.. وبدأ زكريا يخدم مريم، ويربيها ويكرمها حتى كبرت..

كان لها مكان خاص تعيش فيه في المسجد.. كان لها محراب تتعبد فيه.. وكانت لا تغادر مكانها إلا قليلا.. يذهب وقتها كله في الصلاة والعبادة.. والذكر والشكر والحب لله..

وكان زكريا يزورها أحيانا في المحراب.. وكان يفاجأه كلما دخل عليها أنه أمام شيء مدهش.. يكون الوقت صيفا فيجد عندها فاكهة الشتاء.. ويكون الوقت شتاء فيجد عندها فاكهة الصيف.

ويسألها زكريا من أين جاءها هذا الرزق..؟

فتجيب مريم: إنه من عند الله..

وتكرر هذا المشهد أكثر من مرة.

دعاء زكريا ربه:

كان زكريا شيخا عجوزا ضعف عظمه، واشتعل رأسه بالشعر الأبيض، وأحس أنه لن يعيش طويلا.. وكانت زوجته وهي خالة مريم عجوزا مثله ولم تلد من قبل في حياتها لأنها عاقر.. وكان زكريا يتمنى أن يكون له ولد يرث علمه ويصير نبيا ويستطيع أن يهدي قومه ويدعوهم إلى كتاب الله ومغفرته.. وكان زكريا لا يقول أفكاره هذه لأحد.. حتى لزوجته.. ولكن الله تعالى كان يعرفها قبل أن تقال.. ودخل زكريا ذلك الصباح على مريم في المحراب.. فوجد عندها فاكهة ليس هذا أوانها.

سألها زكريا: (قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا)؟!

مريم: (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ).

قال زكريا في نفسه: سبحان الله.. قادر على كل شيء.. وغرس الحنين أعلامه في قلبه وتمنى الذرية.. فدعا ربه.

سأل زكريا خالقه بغير أن يرفع صوته أن يرزقه طفلا يرث النبوة والحكمة والفضل والعلم.. وكان زكريا خائفا أن يضل القوم من بعده ولم يبعث فيهم نبي.. فرحم الله تعالى زكريا واستجاب له. فلم يكد زكريا يهمس في قلبه بدعائه لله حتى نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا).

فوجئ زكريا بهذه البشرى.. أن يكون له ولد لا شبيه له أو مثيل من قبل.. أحس زكريا من فرط الفرح باضطراب.. تسائل من موضع الدهشة: (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) أدهشه أن ينجب وهو عجوز وامرأته لا تلد..

(قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) أفهمته الملائكة أن هذه مشيئة الله وليس أمام مشيئة الله إلا النفاذ.. وليس هناك شيء يصعب على الله سبحانه وتعالى.. كل شيء يريده يأمره بالوجود فيوجد.. وقد خلق الله زكريا نفسه من قبل ولم يكن له وجود.. وكل شيء يخلقه الله تعالى بمجرد المشيئة (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).

امتلأ قلب زكريا بالشكر لله وحمده وتمجيده.. وسأل ربه أن يجعل له آية أو علامة. فأخبره الله أنه ستجيء عليه ثلاثة أيام لا يستطيع فيها النطق.. سيجد نفسه غير قادر على الكلام.. سيكون صحيح المزاج غير معتل.. إذا حدث له هذا أيقن أن امرأته حامل، وأن معجزة الله قد تحققت.. وعليه ساعتها أن يتحدث إلى الناس عن طريق الإشارة.. وأن يسبح الله كثيرا في الصباح والمساء..

وخرج زكريا يوما على الناس وقلبه مليء بالشكر.. وأراد أن يكلمهم فاكتشف أن لسانه لا ينطق.. وعرف أن معجزة الله قد تحققت.. فأومأ إلى قومه أن يسبحوا الله في الفجر والعشاء.. وراح هو يسبح الله في قلبه.. صلى لله شكرا على استجابته لدعوته ومنحه يحيي..

ظل زكريا عليه السلام يدعوا إلى ربه حتى جاءت وفاته.

ولم ترد روايات صحيحة عن وفاته عليه السلام. لكن ورايات كثير -ضعيفة- أوردت قتله على يد جنود الملك الذي قتل يحيى من قبل

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء V25


يحيى عليه السلام

نبذة:
ابن نبي الله زكريا، ولد استجابة لدعاء زكريا لله أن يرزقه الذرية الصالحة فجعل آية مولده أن لا يكلم الناس ثلاث ليال سويا، وقد كان يحيى نبيا وحصورا ومن الصالحين ، كما كان بارا تقيا ورعا منذ صباه.

سيرته:
ذكر خبر ولادة يحيى عليه السلام في قصة نبي الله زكريا. وقد شهد الحق عز وجل له أنه لم يجعل له من قبل شبيها ولا مثيلا، وهو النبي الذي قال الحق عنه: (وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا)..
ومثلما أوتي الخضر علما من لدن الله، أوتي يحيي حنانا من لدن الله، والعلم مفهوم، والحنان هو العلم الشمولي الذي يشيع في نسيجه حب عميق للكائنات ورحمة بها، كأن الحنان درجة من درجات الحب الذي ينبع من العلم.
ولقد كان يحيي في الأنبياء نموذجا لا مثيل له في النسك والزهد والحب الإلهي.. هو النبي الناسك. كان يضيء حبا لكل الكائنات، وأحبه الناس وأحبته الطيور والوحوش والصحاري والجبال، ثم أهدرت دمه كلمة حق قالها في بلاط ملك ظالم، بشأن أمر يتصل براقصة بغي.

فضل يحيى عليه السلام:
يذكر العلماء فضل يحيي ويوردون لذلك أمثلة كثيرة. كان يحيي معاصرا لعيسى وقريبه من جهة الأم (ابن خالة أمه)..
وتروي السنة أن يحيي وعيسى التقيا يوما.
فقال عيسى ليحيي: استغفر لي يا يحيي.. أنت خير مني.
قال يحيي: استغفر لي يا عيسى. أنت خير مني.
قال عيسى: بل أنت خير مني.. سلمت على نفسي وسلم الله عليك.
تشير القصة إلى فضل يحيي حين سلم الله عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
ويقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوما فوجدهم يتذاكرون فضل الأنبياء.
قال قائل: موسى كليم الله.
وقال قائل: عيسى روح الله وكلمته.
وقال قائل: إبراهيم خليل الله.
ومضى الصحابة يتحدثون عن الأنبياء، فتدخل الرسول عليه الصلاة والسلام حين رآهم لا يذكرون يحيي. أين الشهيد ابن الشهيد؟ يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب. أين يحيي بن زكريا؟

نشأته:
ولد يحيي عليه السلام.. كان ميلاده معجزة.. فقد جاء لأبيه زكريا بعد عمر طال حتى يئس الشيخ من الذرية.. وجاء بعد دعوة نقية تحرك بها قلب النبي زكريا.
ولد يحيي عليه السلام فجاءت طفولته غريبة عن دنيا الأطفال.. كان معظم الأطفال يمارسون اللهو، أما هو فكان جادا طوال الوقت.. كان بعض الأطفال يتسلى بتعذيب الحيوانات، وكان يحيي يطعم الحيوانات والطيور من طعامه رحمة بها، وحنانا عليها، ويبقى هو بغير طعام.. أو يأكل من أوراق الشجر أو ثمارها.
وكلما كبر يحيي في السن زاد النور في وجهه وامتلأ قلبه بالحكمة وحب الله والمعرفة والسلام. وكان يحيي يحب القراءة، وكان يقرأ في العلم من طفولته.. فلما صار صبيا نادته رحمة ربه: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا).
صدر الأمر ليحيي وهو صبي أن يأخذ الكتاب بقوة، بمعنى أن يدرس الكتاب بإحكام، كتاب الشريعة.. رزقه الله الإقبال على معرفة الشريعة والقضاء بين الناس وهو صبي.. كان أعلم الناس وأشدهم حكمة في زمانه درس الشريعة دراسة كاملة، ولهذا السبب آتاه الله الحكم وهو صبي.. كان يحكم بين الناس، ويبين لهم أسرار الدين، ويعرفهم طريق الصواب ويحذرهم من طريق الخطأ.
وكبر يحيي فزاد علمه، وزادت رحمته، وزاد حنانه بوالديه، والناس، والمخلوقات، والطيور، والأشجار.. حتى عم حنانه الدنيا وملأها بالرحمة.. كان يدعو الناس إلى التوبة من الذنوب، وكان يدعو الله لهم.. ولم يكن هناك إنسان يكره يحيي أو يتمنى له الضرر. كان محبوبا لحنانه وزكاته وتقواه وعلمه وفضله.. ثم زاد يحيي على ذلك بالتنسك.
وكان يحيي إذا وقف بين الناس ليدعوهم إلى الله أبكاهم من الحب والخشوع.. وأثر في قلوبهم بصدق الكلمات وكونها قريبة العهد من الله وعلى عهد الله..
وجاء صباح خرج فيه يحيي على الناس.. امتلأ المسجد بالناس، ووقف يحيي بن زكريا وبدأ يتحدث.. قال: إن الله عز وجل أمرني بكلمات أعمل بها، وآمركم أن تعملوا بها.. أن تعبدوا الله وحده بلا شريك.. فمن أشرك بالله وعبد غيره فهو مثل عبد اشتراه سيده فراح يعمل ويؤدي ثمن عمله لسيد غير سيده.. أيكم يحب أن يكون عبده كذلك..؟ وآمركم بالصلاة لأن الله ينظر إلى عبده وهو يصلي، ما لم يلتفت عن صلاته.. فإذا صليتم فاخشعوا.. وآمركم بالصيام.. فان مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك جميل الرائحة، كلما سار هذا الرجل فاحت منه رائحة المسك المعطر. وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرا، فان مثل ذلك كمثل رجل طلبه أعداؤه فأسرع لحصن حصين فأغلقه عليه.. وأعظم الحصون ذكر الله.. ولا نجاة بغير هذا الحصن.

مواجهة الملك:
كان أحد ملوك ذلك الزمان طاغية ضيق العقل غبي القلب يستبد برأيه، وكان الفساد منتشرا في بلاطه.. وكان يسمع أنباء متفرقة عن يحيي فيدهش لأن الناس يحبون أحدا بهذا القدر، وهو ملك ورغم ذلك لا يحبه أحد.
وكان الملك يريد الزواج من ابنة أخيه، حيث أعجبه جمالها، وهي أيضا طمعت بالملك، وشجعتها أمها على ذلك. وكانوا يعلمون أن هذا حرام في دينهم. فأرد الملك أن يأخذ الإذن من يحيى عليه السلام. فذهبوا يستفتون يحيى ويغرونه بالأموال ليستثني الملك.
لم يكن لدى الفتاة أي حرج من الزواج بالحرام، فلقد كانت بغيّ فاجرة. لكن يحيى عليه السلام أعلن أمام الناس تحريم زواج البنت من عمّها. حتى يعلم الناس –إن فعلها الملك- أن هذا انحراف. فغضب الملك وأسقط في يده، فامتنع عن الزواج.
لكن الفتاة كانت لا تزال طامعة في الملك. وفي إحدى الليالي الفاجرة أخذت البنت تغني وترقص فأرادها الملك لنفسهن فأبت وقالت: إلا أن تتزوجني. قال: كيف أتزوجك وقد نهانا يحيى. قالت: ائتني برأس يحيى مهرا لي. وأغرته إغراء شديدا فأمر في حينه بإحضار رأس يحيى له.
فذهب الجنود ودخلوا على يحيى وهو يصلي في المحراب. وقتلوه، وقدموا رأسه على صحن للملك، فقدّم الصحن إلى هذه البغيّ وتزوجها بالحرام.

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء V25

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/saadanter
سعد عنتر سعد
مراقب
مراقب
سعد عنتر سعد


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 2517
نقاط : 6975
العمر : 33

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء   الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء Emptyالأحد 21 فبراير 2010 - 4:02



الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء 4

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/saadanter
keto89
مراقب
مراقب



الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 621
نقاط : 1664

الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء   الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء Emptyالخميس 11 مارس 2010 - 4:23



بارك الله فيك


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الجزء الخامس من مُختصر قصص الأنبياء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الجزء الأخير من مُختصر قصص الأنبياء
» الجزء الثالث من مُختصر قصص الأنبياء
» الجزء الثانى من مُختصر قصص الأنبياء
» الجزء الرابع من مُختصر قصص الأنبياء
» مُختصر قصص الأنبياء من آدم(عليه السلام) إلى الرسول محمد(صلى الله عليه وسلم)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات طريق العرب :: الأقسام العامة فى منتديات طريق العرب :: المنتديات العامة :: القسـم الإسلامى :: المنتدى الإسلامى العام-
انتقل الى: