موضوع: سوريا … بين مهد الحضارات وملتقى الحضارات الإثنين 18 يناير 2010 - 4:36
سوريا … بين مهد الحضارات وملتقى الحضارات
لقد تعودنا منذ فترة من الزمن على سماع عبارة “سوريا مهد الحضارات” شعاراً أو عنواناً لبلدنا الحبيب ويبدو أن وزارة السياحة كانت خلف رفع هذا الشعار. عندما نريد وضع عنوان لبلدنا نريده أولاً أن يكون صحيحاً وصادقاً حتى يكون مقنعاً لكل من يسمعه، و بالتأكيد نريده أن سيكون مشرفاً لبلدنا وأن يحمل قيمة تدفعنا لكي نحافظ عليها نحن والأجيال القادمة بكل ما ما أوتينا من مقدرة.
إن سوريا ببساطة (وبقليل من التواضع) ليست مهد الحضارات بالجمع. هنالك حضارات عظيمة نشأت في سوريا ولكن ليس كل الحضارات. حضارة بلاد الرافدين لم تنشأ في سوريا ولا حضارة مصر القديمة ولا حضارة الإغريق ولا حضارة روما …الخ
لكن سوريا كان لها دور في كل هذه الحضارات وإن لم تنشأ منها. سوريا كانت منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا النقطة التي تلتقي عندها الحضارات. لقد وصل الفراعنة إلى سوريا و قاموا بأول معاهدة في التاريخ في سوريا عندما اصطدموا مع الحثيين. عبر سوريا تعرف الإغريق وشعوب البحر المتوسط على حضارة بلاد الرافدين وشرق المتوسط. سورية كانت نقطة اتصال طريق الحرير القادم من أقصى الشرق بحضارة روما عبر مرافئها الساحلية.
سوريا نقطة التقاء الفرس مع الروم. في سوريا التقى العرب المسلمون مع الروم البيزنطيين و تعلموا من الحضارة الهلينية و إليها جاء الصليبيون و تعلموا الكثير من العرب المسلمين.
في سوريا وفي وقت واحد تقريباً كان المغول القادمين من أقصى الشرق والصليبيوين القادمون من أقصى الغرب.
إلى سوريا جاء الفرنسيون مع أفكار الثورة الفرنسية. إلى سوريا جاءت الاشتراكية و إيديولوجية المعسكر الشرقي وأصبحت فرداً من آل البيت ويبدو أن الرأسمالية بدورها غدت ضيفاً عزيزاً. في سوريا نجد تأثير آل سعود وكذلك الثورة الإسلامية في إيران.
سوريا ليست مهد الحضارات لكنها بكل تأكيد ملتقى الحضارات، كل الحضارات. حتى إن قال أحدهم أن هنالك حضارات لم تمر بسورية مثلاً حضارات سكان أميركا الأصليين، أقول لهم إنكم مخطئون فالفينيقيون سكان سوريا وصلوا إلى أميركا و قاموا بالتواصل مع حضاراتها القديمة.
هذا من ناحية صدقية الشعار، أما من ناحية أن يكون الشعار مشرفاً لنا فأعتقد أن كون بلدنا كان ومازال ملتقى الحضارات فهذا أكبر شرف يمكن أن يناله بلد. ليس هنالك بلد يستطيع أن يدعي امتلاكه لكل الحضارات ولا أرقى الحضارات فكل حضارة لها زمن كانت فيه في عز أوجها، لكن لا يستطيع بلد آخر أن يدعي أن كل الحضارات التقت بكل ما في هذه الكلمة من معنى وتواصلت وتفاعلت فيه إيجابياً سوى سوريا.
إن قلنا أن سوريا مهد الحضارات فهذا يعني أن دورنا و دور بلدنا قد انتهى. لكن أن نقول أنه ملتقى الحضارات فهذا يعني دوراً يجب أن نعمل عليه الآن ويعمل عليه أولادنا من بعدنا خصوصاً مع انتشار التعصب وفكرة صراع الحضارات في العالم.
رجاءً يا وزارة السياحة لا تغتصبي بلدنا واعطيه حقه وارفعي شعار