سعد عنتر سعد مراقب
الجنس : عدد المساهمات : 2517 نقاط : 6975 العمر : 33
| موضوع: الكوارث السبت 31 ديسمبر 2011 - 0:09 | |
|
الكوارث
إن الدنيا التي نعيش فيها هي مليئة بالكثير من الأخطار الداخلية والخارجية وإن كنا لا نعي ذلك كثيرا مثل النيازك والثقوب السوداء والنجوم المذنبة, وهذا يمثل جزأً صغيراً من تلك الأخطار. و إذا نزلنا إلى أعماق الأرض نصادف وجود طبقة سائلة تصل درجة حرارتها إلى آلاف الدرجات المئوية, وليس من الغريب أن نقول بأن هناك كرة نارية تغلي تحت أقدامنا، وبالإضافة إلى هذا, فإن هناك غلافا جويا يحيط من كل جهة بكرتنا الأرضية وتقوم بوظيفة الحماية. وبالإضافة إلى وظيفة الحماية التي يقوم بها الغلاف الجوي, فإن هناك حوادث جوية يكون مصدرها الغلاف الجوي والتي تحمل تأثيراً قويا جداً مثل العواصف والأعاصير.
كل عناصر التهديد هذه تكون فعالة بين الحين والآخر, وتكون هناك خسائر مادية وبشرية نتيجة لهذه الحوادث والتي تسمى باسم الكوارث الطبيعية, وتأتي الزلازل وانفجارات البراكين والفيضانات والأمواج البحرية العملاقة والعواصف والأعاصير والحرائق الكبيرة في مقدمة هذه الحوادث حيث أن كل من هذه الآفات الطبيعية لها تاثيرات مختلفة. والعامل المشترك لكل هذه الآفات الطبيعية هو أنه في زمن قصير يمكنها أن تدمر مدناً ومافيها من أناس ومخلوقات حية, وتكون هذه الخسائر فادحة وجسيمة. والإنسان لايملك أي إمكانية وقوة تجعله يحول دون وقوع هذه الحوادث, وما دام الإنسان لا يواجه هذه الكوارث فإنه لا يريد التفكير فيها مع علمه بإمكانية حدوثها في كل لحظة.
إن الحياة على وجه الأرض تسير وفق ميزان دقيق جداً, لهذا فإن هذه الأشكال من الحوادث الكبيرة لا تكون فعالة على مساحات شاسعة, وبأخذ جميع أنواع الأحياء على وجه الأرض ومن ضمنها الإنسان فإن هناك حماية خاصة لهم, لكن الله تعالى يريد تبصرة الإنسان من حين إلى آخر إلى إمكانية كون المكان الذي يعيش عليه غير آمن. كما أن الله تعالى يدفع الإنسان لكي يدرك من خلال هذه الكوارث التي استعرضناها فقدان القدرة على التحكم في الكوكب الذي يعيش عليه, ويجعلهم يشهدون عجزهم وضعفهم بأنفسهم, وأن يأخذ وا العبر والعظات من خلال تفكيرهم بعدما شهدوا كل هذه الكوارث. حسناً, فيما عدا هذا, ترى أي نوع من أنواع العبر والعظات يكون الإنسان قد استفادها من كل هذا ؟
كما استعرضنا في بداية الكتاب بأن هذه الدنيا هي المكان الذي خلقه الله تعالى لكي يمتحن به الإنسان ولكي يميز بين الصالح والطالح, وأن الله تعالى قد بين هذه الحقيقة بقوله تعالى :
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأرض فِي سِتَّةِ أيام وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ
( سورة هود 7 )
إن هذا الامتحان الخاص بالدنيا قد هيئ بشكل كامل خالي من أي نقص إلى درجة أن كل أمر وكل حادث يحدث في هذه الدنيا يعود إلى سبب معين. وكل تفصيل من تفاصيل هذه الحوادث يقع ضمن قاعدة السبب – النتيجة. فمثلا إن إمكانية وقوف الإنسان وسيره على وجه الأرض يعود إلى قانون الجاذبية الأرضية والتي تمنحه هذه الإمكانية وتساقط الأمطار تحدث نتيجة الغيوم والرياح والموت والحوادث و الأمراض لابد وأن تحدث لسبب ما.
ومما لاشك فيه أنه يمكن ملء صفحات عديدة تزخر بأمثلة توضح علاقات السبب – النتيجة, ولكن المهم هنا هو كون هذا النظام غاية في الكمال والاتساق, وإحدى خصائص هذا النظام كونه في كل حادثة يساير منطق البشر. فالله تعالى يحذر وينذر البشر بين الحين والآخر بإرساله الكوارث الطبيعية ولنأخذ مثلا ً لإحدى هذه الكوارث, ففي الزلازل, تموت أعداد كبيرة من البشرمن شيوخ وشباب، رجال ونساء وحتى أطفال صغار. فكثير من الناس الذين تغلب عليهم الغفلة ينظرون إلى هذه الكوارث ويعتبرونها شيئاً طبيعياً, ولا يفكرون في أن كل هذا قد خلق من أجل غاية معينة. والآن لنتأمل جيدا ماذا كان سيحدث لو أن هذه المصيبة قد حلت فقط بالذين اقترفوا الآثام والذين هم خارجون عن الطريق الذي رسمه الله تعالى للبشر ؟
لاشك أن مفهوم الامتحان يكون قد انتهى تماما, ولكن الله تعالى لم يكن ليسمح بهذا. وكما ذكرنا أعلاه فجميع الحوادث التي تحدث على وجه الأرض قد هيئت إلى حد كبير بشكل طبيعي ضمن ميزان دقيق لا يقبل الخطأ. والإنسان المؤمن الذي يدرك وجود الله والذي يكون صاحب فهم عميق يدرك أن هذه الحوادث والتي تحمل هذا الشكل الطبيعي قد حصلت لحكمة معينة, وكما ورد في الآية الكريمة:
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ( سورة الأنبياء 35)
فإن الله تعالى قد أشار إلى أنه يمتحن بني البشر بين الحين والآخر بحوادث سيئة وطيبة. فقد يقع حدث ما يذهب ضحيته كثير من الناس، فيحزن أناس لكثرة هؤلاء الضحايا، لكن ينبغي ألا يغيب عن أذهاننا أن الله تعالى صاحب العدالة الأبدية سوف لن يحرم يوم القيامة أحدا من أخذ حقه.
إن كل ما يواجه الإنسان في هذه الدنيا من حوادث هو بمثابة التجربة والامتحان, وسوف يلاقي الجميع يوم القيامة جزاءهم وما كسبت أيديهم سواء أكانوا من الصابرين, أم كانوا من الغافلين عن هذا الامتحان. لذا نرى أن الذين يدركون عظمة الله حق الإدراك, والمرتبطين من أعماق قلوبهم بالله تعالى هم المدركون لسر هذه الدنيا. فإذا أصابتهم مصيبة يهرعون إلى الله تعالى تضرعا وخيفة ويطلبون عفوه ومغفرته, لأنهم يعرفون أن الله تعالى قد وعدهم في قرآنه الكريم بقوله تعالى :
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الْأَمْوَالِ وَ الأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إذا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إليه رَاجِعُونَ أولئك عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ ( سورة البقرة 155- 157 )
فكما ورد في الآية الكريمة، فإن جميع البشر, المؤمنين وغير المؤمنين سيتم اختبارهم من خلال بعض الحوادث, فبعضهم من خلال الآفات الطبيعية, وبعضهم من خلال حوادث تقع في حياتهم اليومية, والبعض الآخر من خلال بعض الأمراض والمحن وهي حقائق ليست ببعيدة في هذه الدنيا عن الإنسان. وهذه المصائب التي تلحق ببعض الأفراد يمكن أن يشمل تأثيرها نواحي مادية ونواحي معنوية من حياة الإنسان.
على سبيل المثال, قد يلحق الإفلاس بشخص كان في يوم ما يعيش حياة مرفهةً، وقد تفقد إمراة حسناء جمالها إلى غير رجعة أو أن يتعرض الإنسان إلى مرض ليس له دواء أو علاج, ومثال ذلك أيضا تعرض بعض المدن بين الحين والآخر إلى عاصفة مفاجئة تسبب دمارا واسعا غير متوقع، وهذا يكشف أن حياة الإنسان مرهونة ببعض اللحظات القصيرة. المهم من كل هذا أن يستوعب الإنسان الدروس اللازمة ويستنتج منها العبر والعظات. والله تعالى يريد أن يرسل رسالة إلى بني البشر من خلال هذه الكوارث التي تحدث كل هذه الأضرار المادية والمعنوية لكي يعوا ما هم فيه وأن يعودوا عن ضلالهم وانحرافهم إلى الطريق المستقيم الذي رسمه الله تعالى لجميع البشر في هذه الدنيا.
وكما هو الحال بالنسبة لبقية الأشياء التي لم يخلقها الله عبثا ً في هذه الدنيا, فإن الله تعالى الذي ابتلى البشر بهذه الكوارث كي تكون لهم إحدى وسائل الإنذار والتنبيه. وبين الله تعالى قد بين في قرآنه الكريم بأن ليس هناك أي شيء يمكن أن يحدث في هذا الكون من دون إذن من الله بقوله تعالى:
مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (سورة التغابن 11)
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخرة نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ( سورة آل عمران 145 )
وإلى جانب جميع هذه الكوارث والصعاب فإن هناك حكمة ً وغاية ً وراء كل هذا:
إن الإنسان الذي يرى نفسه في هذه الدنيا صاحب قوة وجبروت، سيدرك مدى عجزه وضعفه أمام الكوارث التي يمكن أن تحدث في أي لحظة بمشيئة الله, فيكون بلا حول ولا قوة لكي يساعد نفسه أو حتى يقدم المساعدة للآخرين, ولأن كل شيء بيد الله تعالى فليس هناك قوة غير الله سبحانه وتعالى الذي يمكن أن تقدم الفائدة أو الضرر. وهذه الحقيقة تبينها الآية التالية:
وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( سورة الأنعام 17 )
في هذا القسم سوف نقوم باستعراض جميع أنواع الكوارث, والآفات الطبيعية, وتأثيراتها والتي وقعت إلى الآن على سطح الأرض, لكي يدرك الذين يرتبطون بهذه الدنيا ارتباطا كليا أنها ليست المكان الذي يستحق كل هذا الاهتمام, والتذكير بأهمية كون حياة الآخرة هي المكان المثالي الذي يستحق العيش فيه.
فالذي نستعرضه أمام أنظار القراء الكرام هي حقائق تظهر كيفية وقوع الإنسان في حالة من العجز المطلق أثناء وقوع هذه الكوارث وحتى بعد انتهائها. إن هذا العجز الذي يعيش فيه الإنسان آية تعبير على أن قوة الإنسان ليست لها أية أهمية أمام قوة وعظمة رب العالمين, وأن الله وحده هو الذي يجب اللجوء إليه لطلب الحماية والمساعدة.
الزلازل
وهي تمثل أكبر الحوادث الطبيعية تدميراً، فعند وقوعها تخلف أضراراً فادحة, وهي أكثر ما تهدد بني البشر بالمقارنة مع بقية الكوارث الطبيعية الأخرى, وحسب الإحصاءات الرسمية المتوفرة فإنه يحدث يحدث زلزال واحد في كل دقيقتين على الكرة الأرضية, وإذا قمنا بحساب عدد هذه الزلازل الواقعة خلال السنة الواحدة على الكرة الأرضية نجد أن الأرقام تصل إلى ملايين الهزات الأرضية، فمن بين 300000 هزة أرضية تكون 20 هزة منها مدمرة, حيث إن قوتها التدميرية يمكن أن تدمر مدينة بكاملها، وهذه الزلازل لا تقع باستمرار في أماكن آهلة بالسكان, لذا فإن نتائج مثل هذه الهزات الأرضية لا تكون دوماً مصحوبة بخسائر بشرية. ومجموع الزلازل السنوية فإن هناك مايقارب الخمس هزات التي تقع في مختلف انحاء الكرة الأرضية تحمل معها الموت والدمار.
ومن خلال إلقاء الضوء على المعطيات العلمية السابقة نفهم أن الناس لايواجهون الزلازل بشكل مستمر, حيث تقع في كل دقيقتين هزة أرضية في بقاع متفرقة من الكرة الأرضية ولكن أغلبية البشر لايحسون حتى بوقوعها, لأن شدة هذه الزلازل محسوب بدقة كبيرة. هذا لاشك يمثل دليلاً واضحا على الحماية التي يوفرها الله تعالى لجميع البشر، ففي أيامنا هذه إذا وقع زلزال ما فإن المدينة وأطراف المدينة التي تعرضت لزلزال يمكنها أن تحس بوقوع هذا الزلزال. ويمكن لله تعالى إن شاء، وبكل سهولة أن يرسل زلزالاً تكون قوته التدميرية تلف جميع أنحاء الكرة الأرضية وأن تقضي على جميع معالم الكرة الأرضية. وطبقا للأبحاث العلمية فإن التركيبة الجويولوجية للكرة الأرضية تجعلها من الطبيعي أن تتعرض لهذا الزلزال, فتكون خطوط الزلزال والفراغات المتكونة بين الطبقات الأرضية. . . . إلخ تجعل حقيقة وقوع الزلزال شيئا طبيعيا لامفر منه. وبالاطلاع على أحد المصادر العلمية الذي يتناول احتمالية وقوع الزلزال نراه يورد مايلي:
إن القوة الكامنة في أعماق الكرة الأرضية تستطيع كسر الطبقة الصلبة من القشرة الأرضية, وعندما لاتستطيع صخور القشرة الأرضية مقاومة هذه القوة فإنها تتكسر مولدة بذلك طاقة تدميرية كبيرة, ونتيجة لهذه الهزة العنيفة فإنه يمكن أن تكون النتيجة هو دمار شامل لجميع مباني تلك المدينة مخلفة أنقاضاً ضخمة تدفن تحتها إلى غير رجعة جميع سكان تلك المدينة.
(الكوراث الطبيعية, Readers Digest,1996)
مما لاشك فيه أنه لو أراد الله تعالى إحداث هزة أرضية في مكان ما فليس من الشرط أن تكون ظروف الطبقات الأرضية مناسبة أو غير مناسبة لحدوث مثل هذه الهزة. فلو شاء الله تعالى لأحدث هذه الهزة وفي أي وقت يشاء, وإن كانت مغايرة لكافة القوانين الطبيعية. لكن الله تعالى يجعل الظروف الطبيعية على وجه الأرض في غاية عدم الأمان والاستقرار كي يذكر الإنسان بأن حياته في هذه الدنيا مرتبطة بخيط رفيع جداً, وعلى هذا الأساس فإن القرآن الكريم يحذر البشر فيما يتعلق بموضوع الكوارث بقوله تعالى :
أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الأرض أو يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ
أَوْ يَأخذ هُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِين أو يَأخذ هُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فإن رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ
( سورة النحل 45 – 47 )
فلو شاء الله لجعل هذه الهزات التي تستمر بضع ثوان متواصلة لساعات أو حتى لمدة أسابيع ويمكن أن يجعلهم يعيشون في خوف مستمر. لكن الله تعالى يحمي البشر برحمته, وبهذا الشكل فإن الله تعالى يذكر البشر بعظمته وعدم إمكانية تحدي مشيئته, ويذكر الإنسان أيضاً بأن انشغالهم بهذه الدنيا سوف لن يكون جزاءه أي مكافاة وفوز, ومن الأهمية بمكان أن نذكر بالهزات الأرضية التي وقعت في القرن العشرين.
زلزال كوبي : هزيمة التكنولوجيا
إن امتلاك الإنسان للتكنولوجيا المتقدمة تمنحه في كثير من الأحيان شعوراً بأنه يمتلك أسباب القوة للتحكم في الطبيعة, ولكن الذين يسيطر عليهم هذا الإحساس يصابون في فترة قصيرة بشعوربالخيبة، ذلك أن نفسها التكنولوجيا هي إحدى النعم التي منحها الله للإنسان من أجل رفاهيته, وهي تحت حكم الله تعالى. وكما هو ملاحظ من خلال مختلف الحوادث التي تؤكد أن الإنسان حتى وإن امتلك أحدث التكنولوجيا وأرقاها لايستطيع التحكم في الطبيعة, ومثال على ذلك فعلى الرغم من دقة تطبيق اليابانيين لتكنلوجية (( سبل الوقاية من الزلزال )) فإنهم لم ينجوا من الهزيمة أمام الزلزال الكبير الذي أصاب مدينة كوبي اليابانية سنة 1995. فقد انهارت معظم الأبنية التي تم إنشاؤها وفق أحدث التقنيات العلمية وكأنها أبنية مصنوعة من الورق! ولقد أنفقت الحكومة اليابانية وجامعاتها وخلال 30 عاماً الماضية ما يقارب المليار دولار من أجل إنشاء نظام يخبر عن قرب وقوع الزلزال قبل حدوثه, ولكنهم لم ينجحوا في ذلك لأنه من غير الممكن إنشاء نظام يعمل بدقة بحيث تستطيع أن تصف الهزات الواقعة في الطبقات الأرضية.
والزلزال الذي وقع في مدينة كوبي يشكل أحسن دليل على هذه الحقيقة, ولقد كان الناس يحسون بالأمان نتيجة الدراسات والبحوث التي كانت من المنتظر أن تعطي الإنذار قبل وقوع الزلزال ببضع ساعات أو قبل بضعة أيام , ولكن الذي حصل هو عكس هذا, حيث لم يقم أي نظام بالإخبار عن وقوع الزلزال الذي قلب هذه المدينة الساحلية رأساً على عقب وهذا الزلزال كان يبعد قرابة 25 كيلومتر من مركز مدينة كوبي على عمق 15 كيلومتر تحت سطح البحر. لقد ظهر للعيان أن ما ادعاه اليابانيون بأن أبنيتهم قد صممت لكي تصمد أمام أعنف الزلازل لم تتمكن من الصمود كثيرا أمام هذا الزلزال. كما أن الزلزال ضرب مدينة كوبي وآوساكي اليابانيتين التين تمثلان أهم المراكز التجارية والصناعية في اليابان. ولهذا تجاوزت الخسائر المادية بعد هذا الزلزال المليارات من الدولارات(3), لقد كان وقع هذا الزلزال كبيراً وعميقا في نفوس أولئك الذين تعودوا العيش حياة مرفهة وهو ماجعلهم لايعرفون كيف يتصرفون في تلك اللحظات، إذ لم يكونوا يعتقدون أن الفاجعة سوف تحل بهم مرة أخرى.
الأعاصير الاستوائية والعواصف
إن الحوادث الجوية مثل العواصف والأعاصير هي أيضاً من الآفات الطبيعية التي نشهد حدوثها باستمرار. إن الهواء الناتج من هذه العواصف يمتلك القوة اللازمة لتشتيت المباني والبيوت والسقوف والأشجار وأعمدة الكهرباء وحتى الإنسان والالقاء به إلى مسافات بعيدة. والأعاصير القوية تستطيع إثارة البحار وتهيجها بصورة مفاجئة, وتكون أمواجاً بحرية عملاقة, وتضرب هذه الأمواج العاتية المتولدة من الأعاصير المدن الساحلية, وهو مايؤدي إلى غمر الأراضي الساحلية بالكامل بالماء. وإضافة إلى هذا فإن الأمطار المصاحبة لهذه الأعاصير تعمل على زيادة منسوب المياه في الأنهار.
فالرياح التي نحس بنفحاتها الرقيقة يمكن أن تتحول بقدرة الله تعالى إلى عواصف قوية تستطيع أن تقتلع بقوتها الأشجاروتدمر البشر والحيوانات والأحجار بل وحتى البيوت. فلو شاء الله تعالى لجعل هذه الحوادث الجوية مثل العواصف والأعاصير تهب بشكل أعنف وأشد مما هي عليه بشكل مستمر. بحيث أن الإنسان قبل أن يتلافى أضرار الإعصار الأول يلحق به إعصار آخر. وقد نبه القرآن الكريم إلى حقيقة أن الرياح هي تحت أمر الله تعالى بقوله:
أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ الأرض فإذا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ( سورة الملك 16 – 18 )
فالله تعالى يظهر حمايته للإنسان في كل مصيبة تلحق به فهو يرسل بين الحين والآخر هذه العواصف والأعاصير ينذره ويوقظه من غفلته، فهو يتعهده بهذه الوسائل من حين لآخر حتى يعرفه بعجزه وضعفه أمام قوة وعظمة الله تعالى, وأنه سوف يأتي اليوم الذي يحاسب أمام رب العالمين.
البراكين
لقد استعرضنا كيف أن حركة القشور الأرضية تصاحبها حركات أرضية تدعى بالزلازل, فإن هناك كوارث طبيعية لاتقل خطورة عنها, الا وهي الانفجارات المتولدة في الجبال وتدعى البراكين.
تنتشر في الكرة الأرضية مايقرب من 1500 بركان، منها 550 بركاناً على سطح الأرض(4) والباقي في أعماق البحار, ومن السهولة لأي واحد من هذه البراكين أن يثور في أية لحظة وفي فترة قصيرة يمكنها أن تؤثر على ما بجوارها من مناطق.
عندما تثار تلك الجبال البركانية لن تستطيع أي تكنولوجيا مهما كانت متقدمة أن تكون حائلاً تمنع حدوثها. فإذا نظرنا إلى التاريخ نرى آثاراً تدل على وقوع حوادث بركانية كبيرة. فقد محيت مدن كانت موجودة من قبل من على خارطة الوجود, كذلك اندثرت نتيجة لمثل هذه الكوارث مجتمعات بشرية بكاملها. فقد دمرت مزروعات وتحولت مزارع إلى رماد, وغطت السماء بغيوم من الغبار, وقد أزال أحد هذه البراكين مدينة بومبي الإيطالية الكبيرة. وهذا الانفجار البركاني لم يعط الفرصة لأهالي هذه المدينة للفرار, وقد كانوا يعيشون حياة ملؤها الفجور والانحراف عن الخلق القويم لاشك يمثل درساً يجب الوقوف عليه.
ويمكن أن تثار هذه الجبال البركانية في يومنا هذا وبشكل مفاجئ وأن تسبب خسائر فادحة حيث يمكن أن يشمل نطاق تأثيرها مسافات بعيدة.
وبالإضافة إلى التأثير المدمر للحمم البركانية فإن مزيجاً من الغازات والرماد تشكل رياحاًُ تملك تأثيراً فعالاً, لأنها تحرق وتبتلع أي شيء تصادفه، وتصل سرعة الرياح في بعض الأحيان إلى 160 كم/ساعة, وبالإضافة إلى تأثيرها الحارق، فإن مسافة الرؤية أثناء هبوبها تكاد تنعدم. فأندونيسيا التي يوجد فيها 200 بركان نشيط جعلت أهالي مدينة كاراكاتو يتعرضون سنة 1883 إلى غازات منبعثة من جبالها البركانية, حيث دمرت أكثر من 160 قرية, وأختنق نتيجة هذه الغازات البركانية العملاقة حوالي 36000 شخص, وقد تساقط غبار هذه الانفجارات بعد 10 أيام على مسافة حوالي 3000 ميل(6).
ومن الخصائص الأخرى لهذه البراكين هي أنها تبدأ نشاطها في زمن غير متوقع, ومثال على ذلك ما حصل مع بركان جبل نشادر دل ريوز والذي كان خامداً منذ 150 عاماً حتى انفجر عام 1985, فعلى الرغم من كون الانفجار كان صغيراً, فقد تسبب في مقتل المئات من الأشخاص. فقد كان انفجار جبل سانت هيليبز يمثل % 3 فقط من شدته الأصلية. ونعود إلى الانفجار البركاني في جبل نفادو دل ريوز، فقد أدت الحرارة المنبعثة نتيجة هذا الانفجار إلى إذابة كتل الجليد حول أطراف الجبل وأدى إلى تكون سيول من الطين والماء محت مدينة آرمرو من الوجود, ويمكن اعتبار الكارثة التي نجمت عن انفجار جبل بيل والذي وقع في جزيرة كاريب عام 1902 وخلف 30000 قتيل من أكبر الحوادث البركانية والتي حدثت إلى حد الأن، حيث دفن من مجموع 25000 شخص الذين كانوا يتهيئون للنوم 23000 شخص تحت الطين الناتج من هذا الانفجار البركاني ونجى 2000 شخص فقط(7). ومن خلال استعراضنا لهذه الحوادث, يريد الله تعالى أن يري البشر كيف أن الموت سهل وقريب من الإنسان, ويريد أن يدعوهم لكي يتفكروا لأي غاية وجدوا في هذه الحياة.
إن الواجب الذي يقع على عاتق الإنسان الذي يشاهد القدرة اللا متناهية لله تعالى هو أن لاينسى أن حياته الأبدية في الآخرة وهو يعيش حياته الدنيوية والتي يتراوح معدلها ما بين 50 أو 60 عاماً وأن لاينخدع فيعتبرها مدة طويلة, ويجب أن لا ينسى قطعاً بأنه سيموت في يوم ما, وأنه سيحاسب على ما عمله طوال حياته الدنيوية أمام رب العالمين.
يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الأرض وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (سورة إبراهيم 48 )
توسنامات
وهي كلمة يابانية تحمل معنى أمواج الموانئ، وهذه الأمواج العملاقة تنشأُ في الغالب في البحار بعد حدوث الهزات الأرضية, والمثير هنا أن الدمار الذي تخلفه مثل هذه الأمواج العملاقة يعادل دمار القنبلة الذرية ! ! السيول
لاشك أن تعرض الكثير من المناطق على وجه الأرض لمثل هذا التهديد الكبير يحمل في طياته حقيقة مهمة هي أن الله تعالى قادر على استرجاع جميع ما وهبه الله تعالى للناس من نعيم وسلطان خلال ثوانٍِ معدودات بإرساله العذاب لهم من كل جهة. وهذا يمثل برهاناً ساطعاً على أن الإنسان الذي تتربص به الكوارث في أي بقعة من بقاع الأرض لن يكون بأمان إلا بمشيئة الله تعالى، فهو سبحانه قادر على إرسال عذابه من تحت الأرض ومن فوق الأرض وفي اليابسة، في البحر وفي أي مكان, وقد حذر الله تعالى البشر بأن لا يتغافلوا عن هذه الحقيقة بقوله تعالى :
أَفَأَمِنَ أهل الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ أو أَمِنَ أهل الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُون أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ
(سورة الأعراف 97 – 99 )
وهكذا, فيمكن أن يتحول الماء الذي أرسله الله تعالى نعمة ً للناس إلى عذاب وبلاءٍ شديدين. ومن الغريب أن يرى الإنسان هذه الكوارث ويظن أنه بمنأى عنها.
عبر من التاريخ
إن التاريخ البشري مليء بالكثير من الحوادث التي يمكن اعتبارها عبراً لمن كان يثق بما يملكه من قوة وتقدم علمي متناسيا قدرة الله تعالى وعظمته. وكل واحدة من هذه الحوادث تحمل في طياتها أهمية كبرى بتذكير الإنسان أنه لا الغنى ولا القوة ولا العلم ولا المعرفة، وباختصار كل شيء يمكن أن يقف ضد إرادة وتقدير الله تعالى وقوته وعظمته التي هي فوق كل شئ في هذا الكون.
ويمكن ذكر عدد لا يحصى من هذه الحوادث ولكن يمكن الإشارة إلى إحدى أهم هذه الحوادث والتي وقعت لسفينة تحمل اسم تايتانك قبل قرابة 86 عاما في المحيط الاطلسي والتي تعتبر من أكبر الكوارث البحرية إلى حد الآن.
فقد كانت تايتانك هذه السفينة العملاقة المدهشة والتي صممت لنقل المسافرين عبر المحيطات هي ثمرة جهود 15 ألف عامل، حيث كانت تعتبر في ذلك التاريخ من أعظم وأكبر سفن نقل المسافرين، إذ صممت لكي تكون بطول 275 مترا وارتفاع 55 مترا.
فقد جعلوا يصدقون أنفسهم أنهم ببناء هذه السفينة وفق أحدث تكنلوجيا ذلك العصر ستكون تماما بمأمن عن الغرق مهما كانت الظروف. ولكن كانت هناك حقيقة مهمة يبدوا أنها قد غابت عن بال هؤلاء الناس ألا وهي أنه ليس هناك أي حد يمكن أن يقف ضد ماقدره الله تعالى.
وهكذا فإن ثقبا ً صغيراً قد تسبب على نحو لم يكن في الحسبان في إغراق هذه السفينة وفي وقت قصير, حيث لم تستطع كل هذه التكنولوجيا أن تنقذها من مصيرها المحتوم. وقد ذكر الذين نجوا من هذه الحادثة أنه بعدما تأكد للجميع بأن السفينة على وشك الغرق، توجه الركاب إلى مقدمة السفينة وأخذوا يتضرعون بالدعاء.
وقد ذكر القرآن في كثير من آياته كيف أن الإنسان إذا وقع في مصيبة توجه بالدعاء إلى الله تعالى لكي ينقذه, ولكن حال زوال هذه المصيبة عنه ينسى ما قام به من دعاء ورجاء لله تعالى :
رَبُّكُمْ الَّذِي يُزْجِي لَكُمْ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَ إذا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إلى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإنسان كَفُورًا أَفَأَمِنتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أو يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا أَمْ أَمِنتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنْ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ أَمْ أَمِنتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنْ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا( سورة الإسراء 66 – 69 )
فيجب على الإنسان أن لاينسى ربه سواء تعرض لمثل هذه الحوادث أو لم يتعرض لها. فكل شئ في هذه الدنيا زائل, وإن القوة جميعا ًهي لله تعالى، لأن الإنسان عندما يواجه مثل هذه الحوادث والمصائب فإنه لايملك فرصة لتلافي أخطائه السابقة لأن الله تعالى قد يفاجئه بالموت في أية لحظة:
أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ والأرض وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ
( سورة الأعراف 185 )
رحمة من الله تعالى
فَكُلًّا أخذ نَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أرسلنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أخذ تْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرض وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أنفسهم يَظْلِمُونَ (سورة العنكبوت 40 )
كانت غايتنا إلى حد الآن بيان حقيقة مهمة حول الغاية من خلق الإنسان. فكل شئ له علاقة وارتباط بالله سبحانه وتعالى.
وكما تشير الآية الكريمة الآتية فإنه لاتوجد أية قوة تستطيع أن تتحدى ما قدره الله تعالى وما قضى به:
وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أو نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرض وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أكثر النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ( سورة يوسف 21 )
ولكن، وكما بينت الآية الكريمة فإن أغلب البشر لايعرفون هذه الحقيقة, فهم يعيشون في هذه الدنيا ظناً منهم أنه سوف لن تصيبهم أية مصيبة حتى أنه لايدور في خلدهم أنهم قد يواجهون في يوم ما إحدى هذه الكوارث التي تحيط بهم, ولكنهم يرون أن تلك الحوادث بعيدة عنهم كل البعد إذ أنها لا تمسهم بشكل مباشر. فهم عند سماعهم لإحدى هذه الكوارث يتأثرون لفترة قصيرة بهذه الحادثة ولكنهم ينسونها بعد فترة قصيرة.
نحن نعلم من تذكير الله تعالى لنا أنه من الخطإ الاعتقاد بأن عد الأيام الجديدة القادمة ستكون على نفس منوال اليوم الحالي. وبالإضافة إلى مااستعرضناه سابقا، فعلى الأشخاص الذين عاشوا تجارب كارثية، أن لايغيب عن بالهم بأن الأيام التي يعيشونها الآن لن تكون مختلفة عن باقي الأيام التي عاشوها, ولكن الفرق الوحيد هنا أن الله تعالى قد جعلهم يواجهون حادثة فقدوا من خلالها وفي لحظة واحدة جميع ما كانوا يملكونه.
هناك عدد غفير من الناس يعيشون في غفلة عن هذه الحقيقة فهم يتناسون كون الدنيا دار مؤقتة للبقاء، ويغفلون كذلك عن حقيقة كونهم سوف يحاسبون أمام الله تعالى. فهم بضلالهم هذا ينشغلون في حياتهم الدنيا بأشياء لن تجلب لهم أي نفع بدلا من العيش من أجل كسب رضى الله تعالى.
ومن هذه الناحية فإن الصعاب التي تحل بالإنسان تمثل رحمة من الله تعالى للذين يعيشونها وكذلك الذين يشهدون هذه الصعاب. وإن الله تعالى يحث البشر من أجل السعي في الطريق الذي رسمه الله تعالى لهم, وأن يجعلهم يشهدون بأن هذه الدنيا الزائلة عبارة عن خدعة كبيرة.
ولهذا السبب فإن الله تعالى في الحقيقة يقدم الفرصة للبشر من خلال ما يتعرضون له من مصائب ومحن, وهذه المصائب تمنحهم الفرصة كي يتوبوا ويعدلوا من تصرفاتهم.
وقد بين الله تعالى من خلال قرآنه الكريم مايجب أخذه من دروس وعبر من كل هذه الحوادث بقوله تعالى:
أو لَا يَرَوْنَ أنهم يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أو مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (سورة التوبة 126 )
| |
|
???? زائر
| موضوع: رد: الكوارث السبت 31 ديسمبر 2011 - 11:48 | |
| |
|
سعد عنتر سعد مراقب
الجنس : عدد المساهمات : 2517 نقاط : 6975 العمر : 33
| موضوع: رد: الكوارث الخميس 5 يناير 2012 - 0:23 | |
| | |
|