موضوع: الخطر الطائفى على الوحدة الوطنية الجمعة 29 أبريل 2011 - 1:00
الخطر الطائفي على الوحدة الوطنية
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
1-الوطن والوطنية :
كثيرا ما يتردد بين الناس كلام عن الوطن والوطنية ، وموقف الدين منهما !! إن حب الوطن والدفاع عنه فطرة إنسانية ، وواجب ديني ، فها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أكمل البشر ، لما أُمر بالهجرة من مكة إلى المدينة ألتفت إلى بلده وهو في طريق هجرته ، وعيناه تذرفان ، ثم يُخاطب مكة فيقول : ( والله أنك لأحب بلاد الله إليه ، ولولا أن قومك أخرجوني منك لما خرجت ..). وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكره أحد بمكة قال : ( دع القلوب تقر ..) وكذا كان أصحابه ، فها هو ذا بلال رضي الله عنه اما ورد المدينة حُم ، وكان يُنشد أثناء مرضه فيقول : ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وحولي إذ خر وجـــــليل وهل أردن يوما مياه مجــنة وهل يبدون لي شامة وطفيل
2- الدفاع عن الوطن :
الدفاع عن الوطن واجب ديني مقدس يستحق المقتول دون وطنيته شرف الشهادة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من قُتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قُتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قُتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قُتل دون أهله فهو شهيد ..) رواه أبوداود والترمذي ، وقال حديث حسن صحيح .
3- وإذا سألنا أنقسنا ماهو الوطن في المفهوم الإسلامي ؟
الوطن في عُرف الإسلام يعني كل أرض يُذكر فيها أسم الله تعالى ويحكم بشرعه ، وكل أرض يقيم فيها المسلم فهي وطنه ، يجب عليه أن يصونها ، وأن يحافظ عليها وأن يبذل في سبيل الدفاع عنها نفسه وماله وكل نفيس . والوطنية فى عرف الإسلام لا تعني الإقليمية الضيقة ، ولا العصبية المقيتة ( فالمسلم أخو المسلم ) أينما كان ، وحيثما حل : ( وليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى ..). الوطنية في نظر الإسلام تعني خدمة الدين ، وخدمة البلد الذي تقيم فيه والوفاء والصدق في ذلك.
فيجب على المسلم أن يتقن عمله الذي يؤديه خدمة لوطنه :( إن الله يُحب إذا عمل أحدكم أن يتقنه ..) . الوطنية في نظر الإسلام أن يتسابق المسلمون غيرهم ، بل ويسبقون إلى الأخذ بأسباب الحضارة والتقدم ، حتى لا تحتاج بلاد المسلمين إلى فتات الآخرين. وخدمة الوطن تكون بالإخلاص له ، وحفظه وحمايته من كل ما يضره سوءا أكان عدوا مجاهرا ، أم منافقا مستترا ، أم فكرا هداما ، أم خلقا أعوج ، أ/ غير ذلك مما يتنافى مع دين هذا الوطن ، ويتعارض مع أخلاق أهله .
4- ثروة الوطن :
إن قوة الوطن تقاس بمقدار ما تملك من ثروة يستفاد منها في تحقيق عزتها وتقدمها والثروة الحقيقية لكل أمة تكمن في رجالها كما نطق بذلك حكماء كل أمة ، لأنها هم الذين يتسخرجون ثروات الأرض ويحسنون أستغلالها ، ويدافعون عن امتهم أمام أعدائها . والشباب هم بذور الرجال ، وهم عماد الأمة ، وقد عرف الإسلام لهم هذه المكانة فلفت أنظار المسئولين والمربين في المجتمع إليهم ، وإلى العناية بهم .
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يضه الشباب الصالح في صف الحاكم العادل ، فيعد من السبعة الذين يظلهم الله تعالى تحت ظل عرضه يوم لا ظل إى ظله :( شابا نشأ في طاعة الله تعالى ). بل ينبه إلى عظم قيمة هذه الثروة فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه :( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع : عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن علمه ماذا عمل به ، وعن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه ..). ولم يكتف الإسلام بالتوجه النظري في هذا المجال ، بل أعطانا أمثلة للشباب الصالح الذين كانوا نبراسا للخير في مجتمعاتهم ..منهم سيدنا يوسف عليه السلام الذي ضرب لنا أحسن مثل للشباب العفيف :( نحن نقص عليك أحسن القصص ) ثم يقول تعالى ( وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك ، قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي ، إنه لا يفلح الظالمون ) ..بل فضل السجن على معصية ربه فقال:( رب السجن أحب إلى مما يدعوني إليه ، وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ).
5- حق الوطن:
الوطن أمانة في أعناقنا جميعا ، قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ) إن من حق الوطن علينا ، أن نكون متحابين مترابطين متعاونين ، لا نترك للعدو فرصة يزرع فيها بيننا بذور العداوة والتناحر ، قال تعالى( وأعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) وقال تعالى ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ". إن أي ضرر يلحق بهذا الزطن سيمس الجميع ، لافرق بين زيد وعمر وما يحدث في البلاد الأخرى خير شاهد على ما أقول ، لذا يجب علينا جميعا أن ننتبه لكل المحاولات التخريبية ، وأن نقف ضدها متكاتفين مترابطين لنفوت الفرصة على الأعداء الذين يتصيدون في الماء العكر .
6- خطر الطائفية :
إن من حق الوطن علينا التناصح بيننا ، والأخذ على أيدي السفهاء منا حتى لا يوردونا الهلاك وتغرق سفينة الوطن ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مثل القائم في حدود الله والوقع فيها ، كمثل قوم أستهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ، فكان الذين في أسفلها إذا أستقوا من الماء مروا على من فوقهم ، فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا ولم نؤذ من فوقنا ، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا ). إن هذا الحديث الشريف يحتاج إلى وقفة للتفكر في معانيه العظيمة .. إن السفينة تحتاج إلى ربان وبحارة متعاونين ، وتحتاج إلى حفظ السفينة من كل تخريب حتى يصل المسافرون إلى بر الأمان .
7- التعلم من تجاربنا وتجارب الآخرين :
تعلمنا من الغزو العراقي البغيض كيف يكون الترابط والتعاون بين أفراد المجتمع ، الجار يفزع إلى جاره ، والأخ يتفقد أخاه ، الأقرباء يتواصلون بعد قطيعة ، والأعداء يتصالحون بعد صراع دام سنوات ، كل هذا من أجل مواجهة العدو المشترك ، ولعلمنا بأن الإنسان ضعيف بنفسه قوي بإخوانه ، لقد أستشعرنا جميعا قوله صلى الله عليه وسلم " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وشبك بين أصابعه الشريفة". لقد نسي أثناء الأزمة - الحزبي حزبيته ، والقبلي عصبيته ، وأختفت الصراعات الطائفية ، وأندثرت المعارك المصلحية ، وصار المجتمع يدا واحدة في مواجهة الطوفان العاتي . فلما أنكشفت الغمة - بفضل الله وبرحمته - عادت هذه الصراعات إلى السطح مرة أخرى ، بدأت المصالح بالتصادم .
أيها الإخوة والإخوات ، إن العاقل من يتعلم من تجارب الآخرين ، والغافل لا يتعظ حتى ينزل الهلاك به ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ". فهل لاسمح الله ننتظر غزوا جديدا لنتعلم منه ، أم أن العاقل يتعلم من دروس الآخرين . إننا إن فرطنا بوطننا عشنا مشردين ، بلا أوطان - معاذ الله - وإذا حافظنا على أرضنا حافظنا على ديننا وأولادنا ومالنا وعرضنا. ألا هل بلغت ، اللهم فأشهد .
عندليب متواضع
الجنس : عدد المساهمات : 627نقاط : 1601
موضوع: رد: الخطر الطائفى على الوحدة الوطنية الجمعة 29 أبريل 2011 - 2:50
سعد عنتر سعد كتب:
إن العاقل من يتعلم من تجارب الآخرين ، والغافل لا يتعظ حتى ينزل الهلاك به ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ". فهل لاسمح الله ننتظر غزوا جديدا لنتعلم منه ، أم أن العاقل يتعلم من دروس الآخرين . إننا إن فرطنا بوطننا عشنا مشردين ، بلا أوطان - معاذ الله - وإذا حافظنا على أرضنا حافظنا على ديننا وأولادنا ومالنا وعرضنا.