حبيبتي ...
اكتب سطوري هذه وأنا أبعد عنك أميال وأميال..
لكن قلبي اليك قريب كما كان ..
لا يهوى سواك ..
ولا يعشق إلا هواك.
أتذكرين يا حبيبتي ؟
أتذكرين سويعاتٍ كنت أخطو بعيداً قليلاً عنك ..
الى خليل الرحمن أو القدس أو رام الله..
كنت أعود لتضمينني الى صدرك كما فعلت دوماً ..
كما تصنع أمٌ حنونٌ لفلذة كبدها ..
كنت المس دقات قلبك..
حنين روحك يحيط بي ..
يلفني من كل جانب..
المس دفئ أحضانك في منتصف كانون ..
بين الأزقة الضيقة .. اقواس الحارات القديمة ..
ذات الرائحة السرمدية الرطبة العطرة..
أذكر صوت الوردياني..
مهللاً..
مكبراً..
مدوياً عبر مآذن الخطاب ..
لا زلت ياحبيبتي اتفوح رائحة بخور المهد..
مغارة الحليب ..
اشتمها من كنيسة السريان الشامخة على تلة المدينة..
لا زلت أسمع صوت المسحراتي بأشجان الملوع ..
يدق هذا الطبل الذي عمره من عمري..
يمر عابراً بين زقاق وزقاق ...
آه يا حبيبتي .
لا تحسبي يا عزيزة قلبي أني بعيداً عنك ..
كلا..
ازورك ليلة بعد ليلة ..
بل كل ليلة ..
كل دقيقة..
أراك هكذا كما أنت ..
صابرة كصبر أيوب ..
شامخة شموخ جرزيم وعيبال ..
صامدة صمود المسيح عبر طريق الآلام ..
تفوح منك رائحة العطر والياسمين..
أراك هكذا دوماً..
في صحوي وفي نومي..
روحي تسير عبر هواك العليل ..
أسمع صوت العصافير تزقزق في أذنيَّ..
كأنها اللحظة.. ولكن ياحبيبتي ..
يا للروع حين أنظر حولي ..
لأرى أنني في حلم عميق ..
آه..
آهٍ آه..
لقد ذهبت بعيداً..
قطعت أميالاً من البحار والمحيطات ..
ولكن لا تثبطي ولا تحزني..
سأرجع يوما ..
خبرني العندليب..
قالتها فيروزيوماً ..
سأرجع..
سأرجع لألقي بنفسي مرة أخرى ومرات..
في دفئِ لرمبا يكون الأبدي ..
لأُلقي بنفسي بين أحضانك ..
لأشعر بحنان افتقده جسدي النحيل ..
إن لي روحاً يا حبيبتي عشقتك ..
ومهما بعدت المسافات ..
وكبرت المحيطات ..
فحتما سأعود اليك ..
سأعود يا حبيبتي ..
لأقطف الزيتون معهم ..
لألمس كل حبة..
أقبلها تارة وأحضنها تارةً أخرى..
لأرى كل حبة تقطر لا زيتاً ..
بل دماً يسري في عروق تلك السواعد الجبارة الصامدة..
على ترابك المقدس..
لا زالت يا حبيبتي نسمات ربيعك تداعبني هنا ..
تمر عبر الأثير الشائك بحدود صنعها البشر ..
لتصنع الشوق والحنين ..
سأعود اليك يا مهد المسيح ..
يا من شاءت الأقدار أن تتربعين على مشارف بيت المقدس ..
قدس الأقداس ..
سأرجع يوما اليك ياحبيبتي ..
يا بيت لحم