سرت (بالإنكليزية: sert)، مدينة ليبية تطل على البحر الابيض المتوسط. تقع في منتصف الساحل الليبي بين طرابلس وبنغازي. على خط طول 31:12:19 شمالا ودائرة عرض 16:35:18 غربا وتبعد عن العاصمة طرابلس 450 كلم شرقا. تجمع في طقسها بين الاعتدال البحري والطقس الصحراوي.
تطل مدينة سرت على الخليج المتفرع من البحر الأبيض المتوسط الذي عرف باسمها، خليج سرت الذي كان يعرف باسم خليج السدرة والذي شهد ابان الحرب الباردة مواجهات بين ليبيا وأميركا وقد أطلق على المدينة اسم الرباط الأمامي بعد هذه المواجهات، وسمّي خليجها للسبب ذاته باسم خليج التحدّي. هي من المدن المهمة قديما، وكانت محطة مهمة على طريق القوافل بين برقة وطرابلس وبين أفريقيا.
أصل التسمية
يطلق اسم سرت على المنطقة الممتدة على البحر الأبيض المتوسط بين العقيلة شرقا وبويرات الحسون غربا، بهذه المنطقة نشأت عدة مستوطنات فينيقية عرفت إحدها باسم ايفورانتا ماكوماديس ويبدو انها أستوُطِنَتْ أثناء وعقب تلك الحقبة لوجود مقابر بها تعود إلى القرن الرابع الميلادي. وخلال حكم الفاطميون أسسوا في القرن العاشر عشر الميلادي مدينة عرفت باسم سرت، وهي تقع الآن إلى الشرق من مدينة سرت الحالية وتعرف الآن باسم المْديّنة وتحتوي على متحف صغير بالقرب من آثار المدينة الفاطمية يضم بعض القطع الإسلامية.
مدينة سرت الإسلامية
نشأت مدينة سرت في حوالي منتصف القرن الثامن الميلادي على مكان قرية بونيقية عرفت باسم كراكس كما عرفت خلال السيطرة الرومانية باسم أتشينا.
ذكر عدد من الرحالة والجغرافيين مدينة سرت كابن حوقل الذي قال عنها في القرن العاشر الميلادي: "وسرت مدينة ذات سور صالح كالمنيع من طين وطابية وبها قبائل من البربر ولهم مزارع في نفس البرّ تقصد نواحيها إذا مُطرت وتنتجع مراعيها ولها من وجوه الأموال والغلات والصدقات في سائمة الإبل والغنم ما يزيد على حال اجدابيه ومالها في وقتنا هذا وبها نخيل تجتنى أرطابها وليس بها من القصب والتمر ما تذكر حاله لأنّ نخيلهم بقدر كفايتهم ولهم أعناب وفواكه وأسعارهم صالحة على مرّ الأوقات، والمتّلي صدقاتهم وجباياتهم وخراجاتهم وما يجب على القوافل المجتازة بهم صاحب صلاتهم واليه جميع مجارى أمر البلد والنظر فيه وفيما ورد إليه وصدر في استيفاء ضرائبه ولوازمه واعتبار السجلات والمناشير بمواجب ما على الأمتعة وتصفّحها خوف الحيلة الواقعة دون الأداء عنه بافريقية ودخلها أوفر من دخل اجدابيه لما ذكرت، وهى عن غلوة سهم عن البحر في مستواة من رمل وترد المراكب أيضا عليها بالمتاع وتصدر عنها بشيء منه كالشبّ السرتي فإنّه بها غزير كثير وبالصوف أيضا ولحوم المعز أغذى فيها من الضأن وأنفع وتقوم لحوم الضأن فيها مقام لحم المعز بغيرها لأنّها غير ملائمة لأهلها وللسافرة المجتازين من أجل مراعيها وشرب أهلها من ماء المطر المختزن في المواجل".
أما البكري فقال عنها في سنة 1068م أنها: "مدينة كبيرة على سيف البحر عليها سور طوب، وبها جامع وحمام وأسواق ولها ثلاثة أبواب، قبلي وجوفي وباب صفير إلى البحر، ليس حولها أرباض، ولهم نحل وبساتين وآبار عذبة وجباب كثيرة، ذبائحهم المعز، ولحمانها عذبة طيبة، ليس يؤكل بطريق مصر أطيب من لحومها".
وذكر الإدريسي في سنة 1068م في كتابه نزهة المشتاق أن عمرانها ضغف، أما ابن سعيد المغربي فقال عنها في سنة 1240م أنها لم تعد سوى قصر يقيم به بعض العرب، وقد هجر هذا القصر بعد ذلك وأصبحت مدينة سرت أطلالا من غير ساكن.
وتقع آثارها اليوم التي تعرب بالمدْيّنة على بعد 55 كم إلى شرق من مدينة سرت الحالية، وعلى بعد 5 كم من قرية سلطان من الغرب، وتبعد عن ساحل خليج سرت 600 متر، وشمال الطريق الساحلي بمسافة 800 متر. وتتخذ آثار المدينة الشكل البيضاوي الغير منتظم بقياس يصل إلى 500 متر من الشرق إلى الغرب و 450 متر من الشمال إلى الجنوب، وهي تغطي مساحة قدرها 184 ألف متر مربع، وهي محاطة بسور يبلغ طوله 1750 متراً، وقربها متحف صغير يضم بعض القطع الآثرية الإسلامية.
تاريخ سرت
بعد خراب مدينة سرت أصبح اسم سرت يطلق على المنطقة الممتدة على البحر الابيض المتوسط بين العقيلة شرقا وبويرات الحسون غربا، وقد ذكر الرحالة أبو سالم العياشي في رحلته أثناء مروره بسرت في عام 1072 هـ (1662م) أن سرت تحت حكم عبد الرحمن الجبالي المقلب بـ (سيد روحه). وقد تمكنت قبائل أولاد سليمان بمساعدة قبيلة الجماعات وقبائل المحاميدو في بداية القرن الثامن عشر من السيطرة على إقليم سرت وإنهاء سيطرة آل الجبالي عليه الذين هاجروا الي الفيوم بمصر. شهدت صراع دامي وطويل بين أولاد سليمان وحلفائهم كالقذاذفة والجماعات والعمامرة ضد الولاة الاتراك.
مدينة سرت الحالية
أنشئت مدينة سرت الحالية في عام 1303 هـ (1885-1886م)، خلال ولاية الوالي أحمد راسم باشا على طرابلس الغرب، حسب سالنامة ولاية طرابلس الصادرة في سنة 1312 هـ 1894م".
وحسب سالنامة فإن الإنشاءات الأولى كانت: "دائرة حكومية تحتوي على سبع غرف، ودائرة أخرى لعائلات المأمورين فيها ست غرف فوقانية وتحتانية، مع ما يلزمها من المشتملات، وكاوش يستوعب بلوكا من العساكر الشاهانية، وإصطبل لأجل حيوانات السواري، وفتدق وعدة دكاكين، وفرن وطاحونة."
وقد تولى إنشاءها قائم مقام قضاء سرت عمر باشا المنتصر الذي استمر في منصبه أزيد من 20 سنة أشرف فيها على تأسيس المدينة ووطن بها من يرغب من قبائل البادية يذكر منهم (القذادفة والعمامرة والهماملة والورفلة والفرجان ومعدان وقماطة ولحسون وأولاد سليمان والجماعات ووالمزاوغة والربايع والمشاشي وأولاد وافي والمغاربة والهوانة والزياينة وغيرهم)، كما نقل إليها عدد من العائلات من مصراتة، وأسس بها في سنة 1898م الزاوية المعروفة اليوم بجامع بن شفيع، والتي تعد اليوم أهم المعالم القديمة بمدينة سرت، وقد عرفت بهذا الاسم نسبة إلى الشيخ محمد علي بن أحمد الشفيع السناري الذي تولى مشيخة الزاوية منذ تأسيسها وحتى وفاته.
تعتبر مدينة سرت الآن من المواقع البالغة الأهمية حيث تحتل موقعا متوسطا بين شرق ليبيا وغربها، وهي في نفس الوقت تعتبر بوابة للمناطق الداخلية بفزان، ويمكن اتخاذها قاعدة للإنطلاق إلى الواحات التي تقع إلى الشرق والجنوب.
قام الإيطاليون باحتلال مدينة سرت في 31 ديسمبر 1912م، وهي شاهد على أحداث تاريخية هامة فقد وقعت فيها أهم معركة ضد الايطاليين في 29 ابريل 1915 وهي معركة القرضابية الشهيرة التي هزم فيها الإيطاليون بقيادة الجنرال أمياني وفيها عقد أول مؤتمر للوحدة الوطنية في يوم السبت الموافق 22 يناير 1922 ايام الجهاد ضد الغزو الإيطالي لليبيا.
في أواخر التسعينات من القرن العشرين شهدت المدينة أهم حدثين في تاريخها هما اعلان الاتحاد الأفريقي في 9 سبتمبر 1999 بمجمّع قاعات واقادوقو الذي هو من معالمها الشهيرة وتوقيع اتفاق سلام البحيرات العظمى. وتعقد فيها بشكل دوري اجتماعات مؤتمر الشعب العام الليبي، وتنظم فيها المؤتمرات الدولية ومؤتمرات القمة. وقد رشحت لتستظيف بعض مقار الاتحاد الأفريقي الوليد. كما عقدت في قاعات واقادوقو بسرت القمة العربية الثانية والعشرون.
السكان
يبلغ عدد سكانها وضواحيها في حدود 70000 نسمة
السكان في الشعبية (البلدية) 138964
النسبة من إجمالي السكان2.62
المساحة 77660
الكثافة السكانية شخص / كم2@ 1.78
نسبة سكان الريف 16.8
يمتهن سكان سرت تربية الابل والضأن والماعز كأنشطة رئيسة للسكّان، بالإضافة إلى بعض الانشطة الزراعية الأخرى وبعض المهن الحرفية. تعتبر أكبر منطقة كثافة في عدد الماشية (580 ألف راس)
ويعتبر العقيد معمر القذافي أشهر شخصية تنتمي إلى هذه المدينة، فهي مسقط رأسه حوالي 1942. ومنذ وصوله إلى السلطة في 1969 اكتسبت اهمية خاصة. حيث نقلت إليها معظم الوزارات في فترة الثمانيات والتسعينات وبني فيها مجموعة من المباني الحديثة أهمها قاعة واقادوقو الضخمة للمؤتمرات. وهي مسقط رأس السيد أحمد سيف النصر أحد قادة الجهاد الليبي فترة الغزو الإيطالي.
أهم المشاريع والمنشات
من آثارها القديمة بقايا المسجد الفاطمي، وهي الآن مدينة حديثة تتوافر فيها شبكات الطرق الحديثة والمجمعات السياحية والاستراحات.
تعتبر المدينة الواقعة على البحر الأبيض المتوسط رابطا رئيسا لخطوط المواصلات بين شمال البلاد وجنوبها، فالمدينة الواقعة شمالا في منتصف الساحل الليبي تقريبا يربطها طريقا رئيسا يمكن الوصول منه إلى آخر نقطة مأهولة في الجنوب.
تضم مجمع الامانات: وهو مركب إداري يشمل قصر المؤتمرات الضخم ومقار بعض الوزارات. والمقر الرئيسي لمؤتمر الشعب العام (البرلمان) ويلتقي عندها انبوبي النهر الصناعي العظيم القادم من واحات السرير والكفرة والآخر القادم من جبل الحساونة ليشكلا أطول واضخم شبكة لنقل المياه في العالم من صنع الإنسان عرفها التاريخ. ويتجمّع الماء القادم في بحيرتين صناعيتن معلقتين سعة الأولى اربعة ملايين متر مكعب وسعة الثانية ستة عشر مليون مترا مكعبّا. وبها جامعة سرت إحدى أكبر الجامعات الليبية.
زائر زائر
موضوع: رد: مدينة سرت الأربعاء 20 أكتوبر 2010 - 5:15