سعد عنتر سعد مراقب
الجنس : عدد المساهمات : 2517 نقاط : 6975 العمر : 33
| موضوع: فن الحوار المفيد الأربعاء 4 أغسطس 2010 - 2:55 | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لكل ِ شي في كوننا هذا فن وأسس تتبع , يجب معرفتها قبل الشروع بها , وقد نلاحظ في المنتديات أحيانا أن بعض الأعضاء قليلو الإدراك بفن الحوار ,و تجد أنهم كثيراً ما يتشاجرون ويتبادلون السباب ويتطاولون على بعضهم ,ويكثرون من المشاحنات التي إذا نظرناإليها عن قرب لا تكون سوى إختلاف بسيط وسوء فهم يسير , وربما قد يكون الطرفان محقين وعلى فكرة واحدة , ولكن العلم قبل القول والعمل كما قال الإمام البخاري , ويجب علينا أن نتعلم فن النقاش والحوار وتبادل الأفكار قبل القيام بها , وها أنا أسرد لكم كيف يكون الحوار الراقي مستعيناً بأبيات الشاعر الأندلسي محمد بن عبد الله القحطاني , الذي أجاد وصف الحوار الراقي , ووضع لنا أسساً مفيدة في فن النقاش , وسأقف مع كل بيت وقفة بسيطة أبين بعض الحكم واللمسات فيها , فهيا معا يا إخوتي الكرام نتجول في أبيات قال عنها ناظمه : أبياتها مثل الحدائق تجتنى - سمعاً وليس يملهن الجاني وكأن رسم سطورها في طرسها - وشي تنمقه أكف غواني * * * الأبيات : لا تفن عمرك في الجدال مخاصما - إن الجدال يخل بالأديان واحذر مجادلة الرجال فإنها - تدعو إلى الشحناء والشنآن هنا في بيان حكمة درء الخصام والجدال قبل الدخول فيه وأنه يجب اجتنابه , والنقاش بحد ذاته يسبب البغضاء بين النفوس البشرية , لذا تجنبه قدر المستطاع . * وإذا اضطررت إلى الجدال ولم تجد - لك مهربا وتلاقت الصفان وكما قال الشاعر :إذا لم يكن إلا الأسنة مركب **فما حيلة المضطر إلا ركوبها, وأن الجدال شي لا مفر منه ما دمنا بشرا , ولنا أفكارنا المختلفة ، يبدأ الناظم هنا بوضع الأسس في فن النقاش الراقي المفيد . * فاجعل كتاب الله درعا سابغا - والشرع سيفك وابد في الميدان والسنة البيضاء دونك جنة - واركب جواد العزم في الجولان
ومما يعجبني في هذا الشاعر وأبياته انه شاعر مجيد في فن التشبيه , حيث أنه يشبه النقاش بمعركة حامية الوطيس , ولا يخوضها إلا فارس شديد , وفي بداية حوارك لابد أن تكون مدافعاً عن حق , ولا تدافع عن شيء أنت في الأصل لست مقتنعا به , ولا تسبح ضد تيار الشريعة الإسلامي , وهاك نصيحة قيمة من بن القيم يقول : ( إذا كان الله ورسوله في جانب، فاحذر أن تكون في الجانب الآخر ). اجعل كتابك درعك الذي يحميك عن سيوف مخاصميك ,وأجعل شرع الله سيفك ولا تترد من خوض المعركه وخضها وكر على الطرف الآخر , والسنة والأحاديث الصحيحة اتخذها جنة , وأركب جواد العزم والإصرارعلى الحق . * واثبت بصبرك تحت ألوية الهدى - فالصبر أوثق عدة الإنسان
وهنا يحثك الشاعر على الثبات والصبر لكن تحت ألوية الهدى , فإذا عرفت أن لواء الهدى مع الطرف الآخر فالحق أحق أن يتبع, والرجوع إليه فضيلة. * واطعن برمح الحق كل معاند - لله در الفارس الطعان
البيان في وقت الحاجة , ولا تتردد في بيان حق في وقته , واطعن خصمك بدلائلك , ولله درك . * واحمل بسيف الصدق حملة مخلص - متجرد لله غير جبان
الصدق : دعني اقف وقفة مع الصدق في الحوار , كثيراً ما تجد من يؤلف قصصا كاذبة ودلائل مزورة ليقوي موقفه في المناظرة , وهذا خلق ذميم , فاتقوا الله فيما تقولون , وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد. والإخلاص الأساس وعلى الأساس قواعد البنيان. * واحذر بجهدك مكر خصمك إنه - كالثعلب البري في الروغان
كن متنبهاًً متيقظاً , واحذر خداع خصمك وسد كل ثغراتك , وتأكد وتحقق من كل كلمة يتلفظ بها الطرف الآخر , كما تحذرمن الثعلب الماكر . * أصل الجدال من السؤال وفرعه - حسن الجواب بأحسن التبيان
هنا في هذا البيت أقول لو كان هذا البيت وحده لكفى ولعم فائدته , والأصل في الجدال هو السؤال سواء كنت الباديء او المجيب , وفرعه حسن الجواب بأحسن التبيان , وما سوى ذلك يضر رقي الحوار. * فإذا أطالوا في الكلام فقل لهم - إن البلاغة لجمت ببيان
خير الكلام ما قل ودل , وإذا طال الكلام زالت حلاوتة , فاحذر ثم احذرأن تطيل الكلام , واذا أطال خصمك الكلام فقل له إن سر البلاغة هو الإختصار . * لا تلتفت عند السؤال ولا تعد - لفظ السؤال كلاهما عيبان
والعجيب في هذه الأبيات أن الشاعر حريص على سد الثغرات صغرت أم كبرت , وأنه يعلمنا أن نهتم بملامحنا حتى لا نرتبك في خوض المعارك , فرد السؤال نفسه والإلتفات صفة من صفات المرتبك الخائف الوجل , فحذار حذار من هذا . وكذا حرص على ان لا تظهر بصورة الكاذب فقال : لا تغضبن إذا سئلت ولا تصح - فكلاهما خلقان مذمومان الغضب عند السؤال والصياح من علامات الكاذب المتنكر الذي لا يجد جوابا كافيا للأسئلة . * هنا يأتي سؤال يقول من أخاصمه ومن أناقشه , هل كل من هب ودب أم اشخاص معينة ؟ للجواب على هذا السؤال يقول شاعرنا : ناظر أديبا منصفا لك عاقلا - وانصفه أنت بحسب ما تريان الأديب العاقل المنصف هو الذي نناظره , لا الغبي الأحمق الذي لا يعرف كوعه من بوعه . * سؤال أخر يطرح نفسه يقول , هل في كل مكان أناقش الناس ؟ فيجيب الشاعر قائلاً : واحذر مناظرة بمجلس خيفة - حتى تبدل خيفة بأمان من قلة الحكمة أن تناظر في مجلس خيفة , فيجب علي المرء أن يتجنب مناظرة في مكان يسوده القلق , أو أمام ملك ظالم , وإذا اضطر إلى ذلك فعليه أن يختار الألفاظ المناسبه كما فعلها شيخ العرب النعمان بن المنذر في مناظرته مع كسرى في مجلسه عن أفضلية العرب على سائر الناس وبفطنة النعمان وحكمته استثنى الفرس وكسراهم واختار العبارات الأنسب وقال ( حق لأمة الملك منها أن يسمو فضلها ويعظم خطبها وتعلو درجتها إلاّ أن عندى جوابا فى كل ما نطق به الملك فى غير ردّ عليه ولا تكذيب له فان أمننى من غضبه نطقت به :- قال كسرى :- قل فأنت آمن .) ليس معنى ذلك أن الفرس أفضل من العرب ولكن أحيانا الحكمة تتطلب المدراة . * وماذا نحن فاعلون إذا غلبنا الخصم ؟ وإذا غلبت الخصم لا تهزأ به - فالعجب يخمد جمرة الإحسان فلربما انهزم المحارب عامدا - ثم انثنى قسطا على الفرسان واسكت إذا وقع الخصوم وقعقعوا - فلربما ألقوك في بحران ولربما ضحك الخضوم لدهشة - فاثبت ولا تنكل عن البرهان * الحرب خدعة فلا تدع أحد يخدعك , ولا تهزأ بخصمك إن غلبته , فقد يكون متحيزاً لقتال فيغريك بتظاهره بالفشل فيكر عليك الكرة ويقضي عليك , او قد يكون فعلاً منهزما حينها عليك التحلي بالصفات الحميدة والتواضع كما قال الشاعر : كن طول دهرك ماكنا متواضعا - فهما لكل فضيلة بابان واخلع رداء الكبر عنك فإنه - لا يستقل بحمله الكتفان * ويكون بينكما حكيم حاكماً - عدلاً إذا جئتاه تحتكمان أخيرا وليس آخرا عليك أن تتخذ من يحكم لكما بالقسط والعدل , حتى لا يذهب حوارك سدى , وقد يكون الحاكم الجمهور السامع او القاريء وقد يكون غير ذلك . * * * اتمنى أن لا أكون قد اطلت عليكم و اتمنى مره اخرى ان ينال هذا الموضوع الخفيف و المهم استحسانكم
| |
|
عندليب متواضع
الجنس : عدد المساهمات : 627 نقاط : 1601
| موضوع: رد: فن الحوار المفيد الأحد 9 يناير 2011 - 6:55 | |
| | |
|