العقل
لا يمكن أن يتعامل إلا مع فكرة واحدة فقط، في كل دقيقة، وهي الفكرة التي
تتسلط على العقل. وكلما أجهدت تفكيرك في أمر ما، تولدت داخلك مشاعر وعواطف
تتعلق بنفس الموضوع. ولقد أوضح العلماء أن الأمر الذي يفكر فيه العقل،
يتفاعل معه كل الجسم.
مثال:
إذا تذكرت الآن – وأنت تقرأ هذه السطور – أنك جائع، وتريد أن تأكل طعاماً،
وظللت تفكر في هذا الخاطر، فإن عواطفك تتعلق به، فإذا لم تصرف التفكير في
أمر الطعام، ينتهي بك الأمر إلى أن تتخذ إجراء، فتقوم لتبحث عن طعام،
وتتناوله بشهية.
لذا ينصحك علماء النفس بأن
تتدرب على التفكير في الأمور الصحية، حتى تأتي تصرفاتك إيجابية وصحيحة.
فمن يتعلم أن يتحكم في مخاطبة نفسه، يسهم في صنع مستقبله وسعادته.
تذكر دائماً أن نوع حديثك
إلى نفسك، كالدفة بالنسبة للسفينة، فهو يوجه تفكيرك ويتحكم في ضميرك.
اضبط الموجة:
كما أن بيدك أن تضبط موجة
الإذاعة التي تود الاستماع إليها من المذياع (الراديو)، فإن إرادتك ضرورية
للتحكم في نوع حديثك إلى نفسك.
لا تستمع إلى هذه الإذاعات:
الإنكار: إذا كنت تشكو من
ألم بأسنانك مثلاً، فلا تخاطب نفسك بأنه لا توجد مشكلة، وإلا تعرضت أسنانك
لمتاعب مضاعفة على المدى الطويل.
الكذب: لا تستسلم للشعور
الكاذب بأنك المسئول دائماً، عندما تسوء الأمور من حولك. لا تخاطب نفسك
باعتبارك سبب كل المشكلات.
كان الطفل ذو الثلاث سنوات
في صحبة والدته بأحد المتاجر الكبيرة (سوبر ماركت)، عندما أصاب الزلزال
المدينة، فاهتزت الأرض وتساقطت المنتوجات المعروضة على الأرض.. احتضنت الأم
صغيرها وجرت به خارج المتجر، بينما الطفل يصيح: "ما الذي لمسته يا أمي حتى
يقع كل ذلك؟" لقد اعتبر الصغير نفسه مسئولاً بدلاً من الزلزال!
تدرب
على الإيجابية:
التفكير السلبي يجعلك تحدث
نفسك هكذا: "أنا أعاني من مشكلة ليس لها حل". أما التفكير الإيجابي فيجعلك
تقول: "أنا أتعرض الآن لمشكلة وهي بالتأكيد لها حل".
إذا وجدت نفسك تتحدث عن
نفسك بصفات سلبية قاطعة مثل: "أنا فاشل"، "أنا بائس"، فتوقف فوراً عن هذا
الأسلوب الهدّام في حديثك إلى نفسك، وخاطب نفسك بإيجابية: "لقد أخفقت في
هذا الأمر، ولكنني كنت فاشلاً.. فلقد نجحت من قبل في أمور كثيرة.. سأعاود
المحاولة وسأنجح بإذن الله".
دليلك
إلى الحديث الصحي مع نفسك:
* لا
تستعجل الحكم قبل التوصل إلى معرفة كل الحقائق:
شعر ياسر بآلام شديدة في
صدره فاتصل على الفور بأحد أصدقائه، الذي أسرع إلى اصطحابه إلى الطبيب.
يقول ياسر: "في الطريق إلى عيادة الطبيب، أخذت أحدث نفسي هكذا: لابد أنني
أصبت بنوبة قلبية.. أوهي ذبحة صدرية؟.. هل سأموت اليوم؟.. وماذا يفعل صغيري
من بعدي.. ؟
ولما أفصحت لصديقي، الذي
كان يتولى قيادة السيارة بجانبي، عن الحديث الذي يدور في داخلي، نصحني بأن
أتمالك نفسي قائلاً: "إهدأ وطمئن نفسك ولا تتسرع بالحكم على الأمور". ولقد
كان تقرير الطبيب أنني كنت أشكو من مجرد آلام عسر الهضم!
تذكر دائماً أنك لا تعرف
حتى تعرف!
* لا تعتمد على المشاعر
وحدها:
بالرغم من أهمية المشاعر
إلا أننا لا يمكن أن نعتمد عليها وحدها، ونهمل صوت العقل. فمشاعرنا تخبرنا
دائماً بما يدور في داخلنا، وليس بما يحدث خارجنا. لذا علينا ألا ننقاد
لصوت المشاعر بصورة مطلقة، مما يهدد بانجراف الإرادة وراء المشاعر، الأمر
الذي يؤدي إلى العديد من المشكلات ويعكس عدم نضج الشخصية، ويعرِّض الإنسان
للندم!
وهنا ينصح علماء النفس
الشباب – عندما يشعرون بانجذاب نحو شخصية معينة من الجنس الآخر - أن
ينتبهوا إلى ضرورة التحكم في حديثهم مع أنفسهم حول هذا الموضوع. فإذا
أطلقوا لأنفسهم العنان في تأمل الجانب الجميل. والتركيز على المشاعر وحدها،
وتجاهلوا التحذيرات أو صوت العقل أو إرشاد الله، فإنهم يكتشفون في النهاية
أن حديثهم غير الصحيح مع النفس، في غياب العقل، قد خدعهم.
* اقبل نفسك:
قبول الذات من أهم
المتطلبات للمحادثة الصحيحة مع النفس. فالله سبحانه، يحبك ويريدك أن تقبل
نفسك وتحبها محبة صحيحة وصحية بعيداً عن الغلو أو الاختيال.
فأنت إذا لم تقبل نفسك
وتحترمها، فلن تشعر بحب الآخرين أو احترامهم، وستتحدث إلى نفسك باعتبارك
منبوذاً وغير محبوب. وهذا الشعور من شأنه أن يعرضك للآلام النفسية
والجسدية.
* كن إيجابياً دائماً:
تدرب على التفكير اليومي
في كل ما هو طاهر وحق وجميل وصالح، وكل ما من شأنه أن يصون سلامتك الروحية
والنفسية والجسدية.
تعلم أن تأسر فكرك وحديثك
إلى نفسك بصورة إيجابية باستمرار.