*جانيت ديتمر (من
كتاب "ماذا تفعل امرأة ذكية مثلك في المنزل ؟")
خلال فترة الطفولة كنت وصديقاتي نحلم
بأن تكون لكل واحدة منّا خادمة، ولم نفكِّر مطلقاً في أن نؤدي دورها،
والسبب واضح؛ لأنَّنا لم نكن نرغب في عمل كئيب ومتكرر، علاوة على أنَّ
عائده قليل رغم صعوبته.
بعد أن رزقتُ بالأطفال وجدت نفسي أقوم
بدور الخادمة، إذ أقوم بالتقاط ملابسهم ولعبهم وكتبهم وأحذيتهم وغيرها من
الأرض، وتتكرر هذه العملية عدَّة مرات في اليوم، كما أتقبّل الأوامر من
أطفالي، أحدهم يأمرني بإحضار كأس من الحليب، والآخر يأمرني بإحضار لعبة،
وغير ذلك من طلبات الأطفال التي لا تنتهي، وفعلاً شعرتُ بأنّني الخادمة
بينما جميع أفراد الأسرة يتمتعون بحياتهم.
والآن قررتُ أن أترك القيام بدور
الخادمة وأقوم بدور المديرة. المديرون محترمون؛ وذلك لأنّ طبيعة أعمالهم
تتطلّب توفّير المسؤولية والقدرات والمهارات، علاوة على أنَّ لديهم المقدرة
على جعل الأعمال اليومية بالمؤسسة تحقق أهدافها، كما يقومون بالتخطيط
لإنجاز مهامهم. كما أنَّ المديرين يجعلون كل فرد في العمل يشعر بأهميته
وقيمته، ويشجّعونه على العمل مع زملائه لتحقيق أهداف المجموعة.
لم يكن تحوّلي من خادمة إلى مديرة
سهلاً؛ وذلك لأنَّ الأمر تطلّب إقناع نفسي أولاً بهذا التحوُّل؛ وذلك
لأنَّه كان يراودني التفكير في الاستمرار في القيام بدور الخادمة بدلاً من
الدخول في مهمة جديدة تتطلَّب تعليم الأطفال وتدريبهم على القيام بالأعمال
المنزلية؛ لأنَّ قيامي بها يعني إنجازها بسرعة وبصورة أفضل، وبدون أيِّ
تذمُّر من أفراد الأسرة، ولكن كمديرة فإنّ الأمر يتطلّب مشاركة الآخرين،
وهذا يعني تعاون أفراد الأسرة وتحمّلهم للمسؤولية.
وكمديرة لم أكن فقط أصدر الأمر لتنفيذ
العمل، بل كنتُ أقوم بذلك وفق برنامج وجدول، فمثلاً بإمكاني أن أغسل
الملابس في الصباح أو المساء كل يوم أو مرَّة في الأسبوع، ويقوم الأطفال
بدور ترتيب الملابس بعد غسلها.
وكمديرة كانت أسرتي تشغل اهتمامي الأول،
وكنت أرغب في أن يعرف أفراد أسرتي بأنّني عندما أطبخ أو أغسل الملابس أو
أجعل المنزل نظيفاً، فإنّني أرمي إلى جعل المنزل بيئة طيّبة صالحة للحياة
الكريمة، وعليهم المساعدة بالأعمال المنزلية، ليس بهدف إرضاء والدتهم
وطاعتها فحسب.. وإنّما للفائدة المتمثلة في جعل البيت أكثر راحة للجميع.
عندما قمت بدور الخادمة كان أطفالي
يأمرونني بما يأمرون به الخادمة، وحينما قمت بدور المديرة كانوا يعاملونني
باحترام؛ لإبداعي في عملي. كان أطفالي يرحِّبون بوجودي في مكان الخادمة،
إلا أنّهم أصبحوا في غاية السعادة لإرشاداتي وتعليماتي عندما قمت بدور
المديرة، وأنا كذلك مغتبطة لاختياري دور المديرة بدلاً عن دور الخادمة. فمن
الأفضل إنجاز عمل يتطلب الأداء الجماعي والتعاون والاحترام المشترك بين
أفراد الأسرة.
وعندما كنت أقوم بدور الخادمة في المنزل
كان الناس مصدر مشكلتي، بيد أنّه عندما قمت بدور المديرة ـ الذي كان يتضمن
توجيه أفراد أسرتي وتشجيعهم على العمل بتجانس ـ أصبح النَّاس هدفي!