الفرق بين البحث والمقال ------------------------------------
يذكر
احد الباحثين ان تعريف الانواع الفنية والانشطة الابداعية ليست امرا
هامشيا محدود الفائدة ، وانما هو هام وضرورى .. لقد ترجم البشر افكارهم
وانفعالاتهم فى اشكال تعبيرية مختلفة وقوالب خلال مسيرات تطورهم وحتى لا
يتوه البحث العلمى فى مجال الابداع ، استقر الرأى على الا يعتبر الشكل
الفنى الجديد نوعا فنيا رسميا تعترف به الاكاديميات العلمية الا بعد ان
يجد المهتمون به والقائمون عليه تعريف له وتحديد يفرقه عن غيره ، وفى
صياغة اسس له وقواعد تضبط مسيرته ، وفى اكتشاف منهج مناسب لدراسته .
تعريف البحث • جاء فى المعجم الوسيط انه " بذل الجهد فى موضوع ما ، وجمع المسائل التى تتصل به الى غير ذلك من المعانى التى يدل عليها هذا الاصطلاح "
• ويذكر أ . د . السيد محمد الديب ان " البحث
فى موضوع ما ليس امرا هينا يقتصر فيه الجهد على تجميع بعض الاخبار
والروايات واعادة صياغتها ، ولكنه بناء صعب يختاره الباحث بعناية ، ويرصد
له المراجع والمصادر ، ويحدد له الخطة الملائمة ويصوغه باسلوب قويم ، حتى
يصل اتلى مجموعة من النتائج يتجاوز بها الشك الى اليقين "
وتلك سمة هامة ومحددة لمفهوم البحث بان هدفه هو اختبار مجموعة من الفروض ،
وان الباحث كالقاضى تماما بتمام لا يميل الى رأى لحساب راى اخر الا بعد
مجهودا شاقا واستعراض الادلة والبراهين ، فهو يبدا بحثه وينطلق منه ولا
يدرى نتائجه الختاميه الا بعد استغراقه فيه وتدقيقه فى استبيان وجه
الحقيقة فى موضوعه ، لذا كان الراى الشخصى غير ذى اعتبار عند الباحث فالناحية الموضوعية هنا تغلب الناحية الذاتية .
تعريف المقالة هى كغيرها من اوجه النشاط الفكرى تم تعريفها عشرات التعاريف ، وذلك حسب
زاوية الرصد لجانب او بضع جوانب خاصه بها ، او حسب مرحلة زمنية معينة ،
لذلك يصعب كثيرا وضع تعريفا شاملا لها خصوصا مع الميادين الرحبة العريضة
للمقالة ، لكن يمكن طرح مجموعة من تلك التعاريف تتناول جوانب متعددة حيث
يصعب كثيرا اعتماد تعريفا واحدا لها ( وتلك التعارف عامة ، هذا غير تعريف
كل نوع من انواع المقالة على حده ) :
• " مقالة " لغة تعنى اى شئ يقال فنقول للشخص ما احسن قولك وقيلك ومقالك ، والتعريف اللغوى لا يساعد فى تحديد المصطلح مساعدة كبيرة .
• اما لفظة " مقالة " فى العصور الاسلامية الاولى فكانت تعنى مصطلحا فنيا
( ترادف القسم او الفصل من الكتاب ) بحيث تعنى " بحث فى مسألة او مذهب من
المذاهب الدينية " وكان غالبا يقسم الكاتب كتابه الى مقالات كما فعل "
بهاء الدين القلقشندى " فى كتابه " صبح الاعشا فى صناعة الانشا " والذى
قسم كتابه الى ( 14 ) مقالا وكل مقال كان كتابا مستقلا يعالج بحثا دينيا
او فلسفيا او علميا ، وكما فعل " النظامى " فى كتابه " المقالات الاربع "
• تعريف معجم لترا : " تأليف يعالج فيه الكاتب موضوعا ، دون ان يزعم انه سيدلى فيه برأى قاطع "
• تعريف معجم لاروس : " اسم
يطلق على الكتابات التى لا يدعى اصحابها التعمق فى بحثها ، او الاحاطة
التامة فى معالجتها ، وذلك لان كلمة مقالة تعنى محاولة او خبرة اولية "
• تعريف معجم اكسفورد : " انشاء متوسط الطول فى موضوع ما ، وهى فى حاجة الى الصقل ، مما يجعلها تبدو احيانا كأنها غير مفهومة وغير منظمة "
• تعريف معجم مورى : " قطعة انشائية ، ذات طول معتدل ، تدور حول موضوع معين "
• تعريف " ادموند جوس " فى دائرة المعارف البريطانية : " المقالة
كفن من الفنون الادب هى قطعة انشائية ذات طول متوسط تكتب نثرا وتعرض
الابعاد الخارجية لموضوع باسلوب سريع سهل ، وهى لا تهتم الا بما يمس
كاتبها عن قرب " وهنا نلاحظ ظلال الناحية الذاتية الغالبة فى المقال .
• ولعل التعريف الشير ل " جونسون " كان صارما فى مسألة التفرقة بين البحث والمقال : " وثبة عقلية لا ينبغى ان يكون لها ضابط من نظام ، وهى قطعة انشائية لا تجرى على نسق معلوم ، ولم يتم هضمها فى نفس كاتبها " اما الانشاء المنظم فليس من المقالة فى شئ .
• اما تعريف د . زكى نجيب محمود ( رحمه الله ) فمن تعريفه بتصرف يسير : " هى جميع ضروب الكتابة النثرية ان قصر طولها ، وعالجت موضوعا واحدا " ويرى هنا مدى التفاوت بين صنوف الانشاء التى ترتدى هذا الثوب الفضفاض والتى تقع تحت هذا الاسم فالبحث العلمى القصير " مقاله " ، والقطعة الادبية " مقالة " .
• تعريف احمد الشايب : " المقالة
تطلق فى العصر الحديث على الموضوع المكتوب ، الذى يوضح رأيا خاصا او فكرة
عامة ، او مسألة علمية او اقتصادية او اجنماعية يشرحها الكاتب ويؤيدها
بالبراهين "
• ومن امتع التعاريف تعريف العقاد ( رحمه الله ) : " المقالة
هى مشروع كتاب فى موضوعها لمن يتسع وقته للاجمال ، ولا يتسع للتفصيل ، فكل
مقالة فى موضوع هى كتاب صغير ، يشمل على النواة ، التى تنبت منها الشجرة
لمن شاء الانتظار "
• تعريف د . محمد الشريف : " المقالة
قطعة انشائية نثرية محدودة الطول والموضوع تكتب بطريقة عفوية سريعة لا
تكلف فيها ولا تصنع عن موضوع يمس شخصية كاتبها من قريب او بعيد " ، وهنا يظهر ايضا اثر الناحية الذاتية لكاتب المقالة .
إذن المقال هو فكرة كتاب او بمعنى ادق بعض انواع المقال انما هو فكرة او
مشروع بحث وان الناحية الذاتية هى التى لها الكفة الراجحة هنا ( فقد تكون
المقالة رايا او فكرة ذات تفريعات يشير اليه الكاتب فى ايجاز) بعكس البحث
والذى يتبع منهجا علميا للوصول الى حقائق علمية ، إن المقالة ثمرة لم تنضج
بعد ولم يتم هضمها وتمثيلها كاملة داخل نفس كاتبها بعكس البحث العلمى
والذى يستغرق كاتبه وقتا طويلا لإعداده.